الثاني :
إن العباسيين أباحوا لانفسهم التعاون مع العناصر التي لم يجوز العلويون لانفسهم التعامل معها وهي عناصر الفرق المنحرفة عن الاسلام ، والفرق الايرانية المشكوك في سلامة إسلامها. لقد كان العلويون يتعاونون غالبا مع العناصر العربية والايرانية ذات الاسلام الصافي ، وكانت مواقفهم ضد الجماعات المشكوك في سلامة إسلامها صلبة وواضحة ومبدئية ، الامر الذي حمل هذه الجماعات على أن تلتمس حلفاء آخرين ، وجدتهم في العباسيين.
وهنا يتضح لنا لماذا كان موقف أئمة أهل البيت عليهم السلام منذ الامام زين العابدين علي بن الحسين موقفا سلبيا غالبا من الحركات الثورية التي كان يقوم بها الحسنيون والحسينيون.
ويتضح لنا لماذا رفض الامام أبو عبد الله جعفر الصادق عرض أبي
___________________
= عبد الله العباسي ابنه إبراهيم المعروف بالامام وهو الذي جعل أبا مسلم قائدا للدعوة في خراسان. وقد قبض مروان بن محمد (الحمار) على إبراهيم في الحميمة وسجنه في حران وتوفي سجينا. وكان قد عهد إلى أخيه ـ حين علم بمصيره ـ أبي العباس السفاح بالامامة وأمره بالرحيل مع أهله إلى الكوفة فذهبوا إليها حيث تلقاهم رئيس الدعاة أبو سلمة الخلال ، وأنزلهم في منزل سري ، إلى أن أعلنت الدولة العباسية في ١٢ ربيع الاول سنة ١٣٢ ه ببيعة أبي العباس السفاح.
هذه الرواية موضع شك عندنا ، فهي تثير أسئله لا يمكن الاجابة عليها ، ابتداء بطبيعة العلاقة بين محمد بن الحنفية وابنه أبي هاشم من جهة وبين الفرقة الكيسانية من جهة أخرى ، والغريب أن هذه الفرقة تفقد دورها الكبير في سير الاحداث بمجرد انجاز ما يدعى من تنازل أبي هاشم. ولماذا لم يعهد أبو هاشم بأمره إلى أحد من أبناء علي ، وما هي الاثباتات التي تجعل دعوى العباسيين لهذا التنازل موضع ثقة؟.