سياسة معاوية فيهم ، وفي بلدهم ، ولا يعرفون من الوجه الآخر إلا أقاصيص ، وهم ، بعد أقل وعيا لمبادئ الاسلام ، وأقل صلة بهامن آبائهم.
ولكن ألا تكون رغبة الشيوخ الطبيعية في الدعة والهدوء أقوى من وعيهم لضرورة التغيير نتيجة لتجربتهم مع علي ومع معاوية.
ثم من أين لنا أن نقول : إن هؤلاء الشيوخ أكثر وعيا من الجيل الجديد لمبادئ الاسلام؟
إن غالب هؤلاء كانوا أعرابا نشأوا في البادية ، وجاءت بهم الفتوح إلى الامصار الجديدة ، وتولى تعليمهم هؤلاء الصحابة الذين كانوا يرافقون الجيوش غازين ومعلمين ، فجيل الشيوخ في سنة ستين للهجرة يغلب عليه كونه على معرفة محدودة بالاسلام ومثله وأخلاقياته العالية ـ هذا إذا استثنينا العبادات وما إليها ـ ، أما جيل الشبان فقد نشأ في هذه الامصار في بيوت مسلمة ، وكان يتلقى في الجمعات وفي حلق المساجد تعاليم الاسلام فيتلقاها في أذهان ونفوس بريئة من رواسب الجاهلية إلى حد بعيد ـ إلا ما اكتسبه من جيل الشيوخ ـ فهو أفضل إسلاما من آبائه بلا شك ، وهو لذلك أكثر قدرة على وعي المبررات الاسلامية لثورة الحسين ، وهو أكثر قدرة على الرفض وعلى الحسم ، ومن ثم فهو مؤهل لان يكون جمهور الثورة.
إننا نرجح أن يكون عنصر الشبان في الثوار هو العنصر الغالب. والمسألة ، بعد ، بحاجة إلى درس أوفى على ضوء النصوص الاساسية والمساعدة ، إن وجدت.