لهذا وذاك نعتبر كتب المقتل أجدر من كتب التاريخ العام بالاعتماد عليها فيما يتصل بالتاريخ الشخصي للثوار ، بل إنها ـ لهذا وذاك أيضا ـ أجدر من كتب التاريخ العام بالاعتماد عليها فيما يتصل بتاريخ الثورة نفسه.
نقول هذا معترفين بأن ثمة مأخذا على كثير من كتب المقتل فيما يتصل بالاحداث ، فإن الحماس والحب قد يدفعان في بعض الحالات إلى تدوين أخبار معينة دون أن تنال حظها من التحقيق ، وربما يكون بعض هذه الاخبار مجرد استنتاجات وآراء شخصية كونها لنفسه بعض الرواة والمؤلفين ، فجاء كاتب متأخر عنه اعتبرها تاريخا وأثبتها على أنها أحداث واقعة. كما أن بعض كتاب المقتل في بعض الحالات يعمم رؤيته للموقف فيعبر عنها باطلاق أوصاف معينة على رجال الثورة أو أعدائها ، ويعبر عن مجموع الموقف بعبارات عاطفية. وأكثر ما توجد هذه الظاهرة في كتب المتأخرين من مؤلفي المقتل.
ومهما يكن فإن على الباحث أن يلتزم الاسلوب العلمي الصارم في النقد والاختيار.
ولكن العدل يقتضينا أن نقول إن المصادر التاريخية الاخرى ـ غير
___________________
(١) الطبري في تاريخه في ثلاث قطع (٥ /) ومن الغريب أن ابن نما الحلي اعتمد في مقتله (مثير الاحزان) على هذه الرواية وأثبت منها الفقرة التي فيها أن الحسين طلب أن يمضي إلى يزيد يرى فيه رأيه (مثير الاحزان ، ص ٣٦) مع أن طبيعة الاشياء تكفي لتكذيب صدور هذا العرض من الحسين ، هذا بالاضافة إلى نص نقله المؤرخون ، ومنهم الطبري ، عن عقبة بن سمعان ـ وهو شاهد عيان في موقع يتيح له الاطلاع التام على حقيقة الاحداث ، فقد كان مولى للرباب زوجة الحسين ـ يكذب فيه هذه الاشاعة التي نرجح أنها من دس الامويين والعباسيين ليشوهوا صورة الحسين الناصعة في الذهنية الاسلامية (الطبري / ٥).