إن هذه الاختلافات تدل ـ في نظرنا ـ على أن المسألة كما يعرضها الرواة ، لو أردنا الاخذ بأرقامهم ، ليست بسيطة كما تبدو ، وإنما هي ذات تعقيدات تتصل بعلاقات القبائل بالقتلى من جهة ، وتتصل بمركز القبيلة السياسي من جهة أخرى.
وعلى أي حال فسندرس هذه المسألة فيما يأتي.
* * *
ويثير الحديث عن عدد الرؤوس سوالا آخر هو : هل قتل الجميع أو بقيت منهم بقية؟
ذكر أبو مخنف عن محمد بن مسلم (وهو شاهد عيان من الجيش الاموي).
(.. فقتل من أصحاب الحسين عليه السلام إثنان وسبعون رجلا .. وقتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلا سوى الجرحى.) (١).
وهذه الرواية تعبر عن عدد الشهداء من غير الهاشميين. وهي كاذبة بلا شك فيما يتصل بتقدير عدد قتلى الجيش الاموي ، فإن أقل التقديرات بالنسبة إلى قتلى الجيش الاموي تتجاوز العدد الذي ورد في هذه الرواية بكثير.
___________________
(١) الطبري : ٥ / ٤٥٥. وقد وافق المسعودي على العدد الذي ذكره محمد بن مسلم لقتلى الجيش الاموي فقال : (وكان عدد من قتل من أصحاب عمر بن سعد في حرب الحسين عليه السلام ثمانية وثمانين (كذا) رجلا ـ مروج الذهب ٣ / ٧٢)