المفاوضات ، ووجهت تأنيبا إلى عمر بن سعد لانه يحاور الحسين ، واستخدمت سلاح العطش لا لمجرد التعذيب الجسدي ، وإنما لغاية أخرى أيضا هي خفض القدرة القتالية لدى الحسين وقوته الصغيرة ، وإضعاف خيلهم ، وخلق مشكلة موجعة تنشأ من عطش النساء والاطفال.
ويبدو أن محاولة حبيب بن مظاهر قد نبهت قيادة الجيش الاموي إلى إمكانية تسرب قوات موالية للحسين من جانب الفرات ، فعززت ، إثر هذه المحاولة ، حصار العطش لحماية الضفة من تسرب أي إنسان موال للحسين من خلالها (١).
ويعزز هذا الرأي ملاحظة وردت عرضا في رواية للطبري على لسان أحد المقاتلين في الجيش الاموي ، تصور مشهدا أليما وفاجعا من مشاهد اليوم العاشر من المحرم ، جاء فيها :
(حدثني من شهد الحسين في عسكره أن حسينا حين غلب على عسكره ركب المسناة يريد الفرات ، قال : فقال رجل من بني أبان بن دارم : ويلكم حولوا بينه وبين الماء ، لا تتام إليه شيعته) (٢).
إن ذكر هذه الملاحظة (لا تتام إليه شيعته) سببا للحيلولة بين
___________________
(١) (.. ورجعت تلك الخيل (التي منعت الاسديين من الوصول إلى معسكر الحسين) حتى نزلت على الفرات ، وحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، فأضر العطش بالحسين وبمن معه) المصدران المذكوران في هامش رقم (١).
(٢) لطبري : ٥ / ٤٤٩. وقد أورد ابن نما الحلي إسم هذا المقاتل في (مثير الاحزان ص ٥٣) وهو (زرعة بن أبان بن دارم) وأنه قال : حولوا بينه وبين الماء ، ولم يذكر ابن نما عبارة (لا تتام إليه شيعته).