تؤتى قال اجل قلت فما تستوحش؟ قال وكيف استوحش ويقول انا جليس من ذكرني.
وقال بعضهم : مررت بصديق وهو خلف ساريه وحده فجئت فسلمت وجلست ما أجلسك إلى قلت رأيتك وحدك فاغتنمت وحدتك.
فقال أما انك لو لم تجلس إلى لكان خيرا لي وخيرا لك فاختر أما ان أقوم عنك فهو والله خير ولي وأما ان تقوم عنى فقلت بل أقوم عنك فأوصني بوصيه ينفعني الله بها.
فقال يا عبد الله أخف مكانك واحفظ لسانك واستغفر الله لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات كما امرك.
وكتب حكيم إلى أخ له يا أخي إياك والاخوان الذين يكرمونك بالزيارة ليغصبوك يومك فإذا ذهب يومك خسرت الدنيا والآخرة.
وخرج قوم إلى السفر فجازوا الطريق فانتهوا إلى صومعة راهب فقالوا يا راهب أين الطريق فأومى برأسه إلى السماء فعلم القوم ما أراد.
فقالوا : يا راهب انا سائلوك فهل أنت مجيبنا فقال اسالوا (١) وتكثروا فإن النهار لا يرجع والعمر لا يعود والطالب حثيث فقالوا على ما ذا الخلق غدا عند مليكهم؟ فقال على نياتهم فعجب القوم من كلامه.
ثم قالوا : أوصنا؟
فقال : تزودوا على قدر سفركم فإن خير الزاد ما بلغ البغية ثم ارشدهم الطريق وادخل رأسه في صومعته (٢).
وقيل لراهب رؤى عليه مدرعه شعر سوداء ما الذي حملك على لبس السواد فقال هو لباس المحزونين وانا أكبرهم فقيل له ومن أي شئ أنت
__________________
١ ـ سلوا / خ.
٢ ـ رواه في تنبيه الخواطر : ١ / ٢٣٧.