محزون قال لأني أصبت في نفسي وذلك انى قتلتها معركه الذنوب فانا حزين عليها ثم أسيل دمعه.
فقيل له : ما الذي أبكاك الان قال ذكرت يوما مضى من اجلي يحسن فيه عملي فبكائي لقلة الزاد وبعد المفازة وعقبه لا بد لي من صعودها ثم لا ادرى أين مهبطها الجنة أم إلى النار ثم أنشد يقول :
يا باكيا يطوى المسافة عمره |
|
بالله هل تدرى مكان نزولكا |
شمر وقم من قبل حطك في الثرى |
|
في حفره تبلى لطول حلولكا (١) |
٢٨ ـ وقال أمير المؤمنين (ع) في كلام طويل في ذم الدنيا إنما الدنيا ثلاثة أيام مضى بما فيه فليس بعائد ويوم أنت فيه يحق (٢) اغتنامه ويوم لا تدرى من أهله ولعلك راحل فيه.
فاما أمس فحكيم مؤدب وأما اليوم فصديق مودع وغدا فإنما في يديك منه الامل فإن يكن أمس سبقك بنفسه فقد أبقى في يديك حكمته وان يكن يومك هذا آنسك بقدومه فقد كان طويل الغيبة عنك وهو سريع الرحلة عنك فتزود منه وأحسن وداعه خذ بالثقة في العمل وإياك والاغترار بالأمل ولا تدخل عليك اليوم هم غد يكفي اليوم همه وغدا إذا حل لتشغله انك ان حملت على اليوم هم غد زدت في حزنك وتعبك وتكلفت ان تجمع يومك ما يكفيك أياما فعظم الحزن وزاد الشغل واشتد التعب وضعف العمل للأمل ولو خليت قلبك من الامل تجد ذلك العمل والأمل منك في اليوم قد ضرك وجهين سوفت به في العمل وزدت به في الهم والحزن.
أولا ترى ان الدنيا ساعة بين ساعتين ساعة مضت وساعة بقيت وساعة أنت فيها فاما الماضية والباقية فلست تجد لرخائهما لذه ولا لشدتهما الما فأنزل الساعة الماضية والساعة التي أنت فيها منزله الضيفين نزلا بك فظعن الراحل عنك
__________________
١ ـ عنه في المستدرك : ١ / ٢٢٢.
٢ ـ محق / خ.