و[روي أنه] لما استسقى وفدهم بمكة ، ساروا في طريقهم فنودوا في طريقهم : إن عادا قد هلكوا عن آخرهم ، فاختاروا لانفسكم ، فاختار قيل أن يلحق بقومه ، فسار نحوهم فلقيته الريح فأهلكته ، واختار مزيد برا وصدقا وكان مؤمنا بهود عليه السلام ، فأعطي ما سأل.
واختار نعيم حياة ألف سنة لا يمرض ولا يهرم ، ولا تصيبه حاجة فأعطي ما اختار ، واختار لقمان عمر سبعة أنسر فأعطي ما أختار ، وكان يأخذ النسر فرخا يربيه حتى يهلك ، ثم يأخذ عند هلاك ذلك فرخا آخر ، فيفعل به كذلك ، حتى بلغ سبعة أنسر ، وكان آخرها لبد ، وقد ضربت العرب به الامثال في أشعارهم قال الاعشى :
ألم تر لقمان أهلكه |
|
ما مر من سنة ومن شهر |
وبقي نسر كلما انقرضت |
|
أيامه عادت إلى نسر |
ما مر من أمد على لبد |
|
وعلى جميع نسوره السمر |
قد ابلت الايام نضرته |
|
وأودعت لقمان في القبر |
وقال النابغة الذبياني :
أمست خلاء وأمسى أهلها انقرضوا |
|
أخنى عليها الذي أخنى على لبد |
ولما قسم نوح عليه السلام الارض بين بنيه جعل لسام وسط الارض ، والحرم وما حوله واليمن إلى حضرموت إلى عمان والبحرين إلى عالج إلى طرف بلاد الهند ، وكان هذا كله مدنا وقرى وحصونا وقصورا ومصانع وبساتين يتصل بعضها ببعض ، إلى ان سخط الله على قوم هود فأفسد كثيرا منها.
وجعل الله في ولد سام النبوة والبركة ، وجعل لحام بعض الشام ومصر إلى أعالي النيل وبلاد النوبة والبجة ، وأصناف السودان مع البحر الاحمر (١) إلى
__________________
(١) في ب : الاخضر ، وهو خطأ.