فخرج على الملك سرنديب الكاهن الجبار ، وكانت بينه وبينه حروب شغل بها عن أمر نوح عليه السلام وتشاءم بحبسه فأمر بتسريحه حتى يخلو له وجهه ثم صالح الكاهن على ناحية تركها له من عمله ، وعاد إلى ما كان فيه من ملكه.
وكان إبليس يحرضه على قتل نوح عليه السلام ، ويزينه له فيمنعه الله تعالى منه وزاد أمر نوح عليه السلام ، فوجه الملك إلى جميع ممالك الارض ليوجهوا له كل كاهن ، وكل عراف لمناظرة نوح عليه السلام فشخصوا إليه من الآفاق ، فناظروه فغلبهم نوح عليه السلام بالحجة والبرهان.
فآمن منهم الكاهن فيملون المصري ، واتبعه حتى دخل معه في السفينة ، وأوحى الله تعالى إلى نوح عليه السلام ان اصنع الفلك بأعيننا ، فقال كيف أصنعه؟ فأهبط الله تعالى جبريل عليه السلام حتى أراه إياها ، وأمره ان يبنيها على مثل صدر البطة فأقام في عملها عشر سنين ، وعملها من خشب الساج ، وجعل طولها ثلاثمائة ذراع وقيل دون ذلك ، وجعل ارتفاعها من الارض خمسين ذراعا ، وجعلها ثلاث طبقات كما امر.
وكانوا يهزؤن منه ويضحكون ، وكان الرجل منهم يأتي إليه بأبنه الصغير فيحذره منه ، وربما رماه الصبيان بالحجارة فآذوه ، ولما فرغ من عمل السفينة جعل بابها في جنبها ، وأقامت موضوعة على الارض تسعة أشهر حتى حضر عيد لتلك الاصنام ، فاجتمعوا إليه وقربوا إليه ثلاثمائة رجل ممن آمن بنوح عليه السلام ، ذبحوهم بين أيديهم ، فحق عليهم العذاب.
وأمر الله تعالى نوحا عليه السلام أن يدخل في السفينة من كل زوجين اثنين ، فقال يا رب من أين لي أن اجمع ذلك فأمر الله تعالى الرياح فحشرت إليه كلما أراد ، وأمر به فأدخل فيها من كل زوجين اثنين.