وكانت السفينة ثلاث طبقات ، فجعل الطبقة السفلى للبهائم والدواب والطير وجعل الوسطى لطعامهم ، وجعل جسد آدم عليه السلام في تابوت فيها ، وجعل العليا له ولمن دخل معه.
وركب الملك إلى هيكل الاصنام فأقام فيها حينا ، ثم مشى إلى السفينة ، وقد علم بما شحنت فيه وعزم على حرقها ، فلما وقف عليها قال يا نوح واين الماء الذي يحملها؟ قال هو يأتيك في مكانك هذا ، وأمر الملك فرميت السفينة بالنار ، فرجعت عليه وعلى أصحابه فأحرقت بعضهم ، وفار الماء على ما تقدم ذكره ، وفتحت أبواب السماء بالمطر وحيل بينهم وبين صعود الجبال ، ولم يدروا أين يتوجهون ، وكانت المرأة تحمل ولدها على عنقها ، فإذا لججها الغرق طرحته ، فقيل لو رحم الله الكافر لرحم الصبي وأمه.
وقال أصحاب النظر في الكواكب سلمت ثلاثة مواضع ، لم يدخلها الطوفان ونحن لا نقول بذلك ، والفرس لعنهم الله لا يقولون بالطوفان ولا بنبوة نوح عليه السلام ، ونحن لا نقول بقولهم ، والهند يزعمون أنه لم يكن ببلدهم من الطوفان شئ وكذلك أكثر [سكان] الجزائر والبحار (١) يزعمون ذلك.
وقيل إن السفينة أقامت في الماء ستة أشهر ، ويقال إنها سارت شرقا وغربا وأتت موضع الكعبة ، وكانت معهم خرزة يعرفون بها الليل ، ومواقيت الصلوات.
ولما نزلوا من السفينة على ما تقدم ذكره أمرهم نوح عليه السلام بالزراعة وغرس الشجر ، وتفقد الكرامة فلم يجدها ، وسأل عنها فعرفه جبريل عليه السلام أن إبليس سرقها ، لان له فيها شركة فاقتسمها معه ، فقال نوح اعطه
__________________
(١) في ب : وكذلك اكثر جزائر والتجار.