ومعه نفر من أهله ، فوجدوه ملقى على فراشه جيفة ، فأمر أن توقد له نار يحرق فيها فأحرقه ، ثم جمع النسوة اللاتي كن في الجنة ، فمن كانت من نسائه أحرقها معه ، ومن كانت من المغصوبات ، سرحها إلى أهلها ، ففرح الناس لما نزل بهم.
وملكهم لوحيم الملك فخرج ولبس تاج أبيه ، وجلس على سرير الملك ، وأمر بجمع الناس.
فلما اجتمعوا قام فيهم خطيبا.
وذكر ما كان عليه عرباق الاثيم من سوء السيرة واغتصاب النساء وسفك الدماء.
ورفض الهياكل والاستخفاف بالكهنة ، وأنه لميراث أبيه وجده وأحق به من غيره وضمن للناس العدل والاحسان والقيام بأمرهم ، ودفع كل أذى عنهم فرضي الناس منه بذلك ، وقالوا له : أنت أحق بالملك ، فلا زلت دائم السعادة ، طويل العمر ، وانصرفوا مسرورين.
فأمر بتجديد الهياكل وتعظيمها ، وقرب كثيرا من الكهان ، وأكرم جميعهم ، وسار في الناس بالعدل.
وكانت الغربان والغرانيق (١) قد كثرت في وقته فأهلكت الزرع ، فعمل اربع منارات من نحاس في جوانب أمسوس ، وجعل في كل منارة صورة غراب فيه حية قد التوت عليه فلم يقربهم شئ من تلك الطيور إلى أن كان الطوفان ، فأزال تلك المنارة.
ومن ملوكهم حصليم ، وكانت له أخت حكيمة ، وكانت في جواريها جارية فائقة العقل والجمال ، فعشقها الملك ، وسأل أخته أن تهبها له ، فأبت فألح عليها في طلبها ، فغضبت واعتزلت ، وبنت هيكلا وتعبدت فيه للزهرة
__________________
(١) في ب : والغرائب. والتصحيح عن ق.