مدة ثم إنها رأت الزهرة تناجيها وتكلمها ، وتأمرها أن تسلم الجارية إلى أخيها ، وتنهاها أن تمنعه من ذلك ، ففعلت ذلك.
ولما صارت الجارية عند الملك حظيت عنده ، وفضلها على سائر نسائه فحسدنها وولدت من الملك ولدا ذكرا لم يكن له ولد غيره ، فزاد حسدهن لها ، وجعلن يطلبن أذاها ، ويطلبن الغوائل لها.
وكان أجل وزراء الملك لما يعلم من محبة الملك لها يأتيها في كل يوم فيقضي ما عرض لها من حوائجها ، إجلالا لها ، فلما قصدن ضراتها (١) [إذايتها] لم يجدن أنجع من أن يرمينها بذلك الوزير ، وكان ذلك حسدا وبغيا ، فحققن الامر عند الملك بما أمكنهن من الحيل ، فلما وقف الملك على ذلك أمر بقتلها وقتل الوزير ، ولم يشاور في ذلك أخته ولا احدا من الحكماء.
فلما نفذ أمره بذلك بادر من وقف على ذلك إلى أخته فأعلمها فأسرعت إلى الذي امر بقتلهما تأمر باستبقائهما ، حتى يرى الملك في امرهما.
ودخلت على الملك فقالت له ما هذا الذي أمرت به في وزيرك وجاريتك؟ فقال اتصل بي عنهما كذا وكذا ، قالت أتحدث حدثا عظيما من القتل على ما لم تتحققه ، وعن غير مشورة لاهل الحكمة والثقات من اهل المملكة؟ قال لم أملك صبري ، قالت إن الملوك ليس لها ان تعجل حتى يتبين لهم الامر! فامر باستبقائهما ، وبحث عن أمرهما ، فوقف على الكذب فيه ، فأمر بكل من سعى فيه من ضراتها فأخرجن من القصر.
وحصليم هذا هو أول من عمل مقياسا لزيادة النيل ، وذلك أنه جمع اصحاب العلوم والهندسة ، فعملوا بيتا من زجاج على حافة النيل وجعل في
__________________
(١) في ب ضراتها : فتاها.
أخبار الزمان م (١٠)