فاغتاظ ، وأمر بنزع الشجرة فنزعت فرجعت الغربان فأخذ منها الملك ما يعالج به ، فلم يعد رسوله من ناحية الشام حتى خرج الملك من علته.
ومما عمل في وقته ، وكانت الرمال قد كثرت عليهم من ناحية الغرب حتى ربما طمت زروعهم ، فعمل لذلك صنم من صوان أسود على قاعدة منه وفي يده كالقفة فيها مسحاة ونقش على جبهته وصدره وذراعيه وساقيه كتابات ، ووجه به إلى المغرب ، وجعل هناك فانكشفت تلك الرمال وزحفت بها الرياح إلى ورائها لتلك الآكام العالية في صحراء المغرب ، فلم يزل الرمل يندفع عنهم إلى وراء ذلك الصنم حتى صار بحيث لا يؤذيهم منه شئ ولا يضرهم.
فأقام البودشير مدة ثم احتجب عن الناس [وكان يتجلى لهم في صورة وجه عظيم يكون ذلك في النادر] (١) وربما خاطبهم من حيث لا يرونه وصبروا وهم في طاعته مدة طويلة ، إلى أن رآه عديم ابنه وهو يأمره بالجلوس مكانه على سريره [فجلس] (١) فتولى الامر بعده وجلس على سرير ملكه ابنه عديم الملك ، وكان جبارا لا يطاق عظيم الخلق ، فأمر بقطع الصخور ونحتها ليبني هرما كما فعل الاولون.
وكان في وقته الملكان اللذان أهبطا من السماء ، ويقال إن عديما استكثر من علمهما ، ثم انتقلا إلى بابل.
وأهل مصر والقبط يقولون إن هذين شيطانان يقال لهما مهلة ومهالة ، وإن الملكين ببابل في بئر هناك يغشاها كثير من السحرة إلى أن تقوم الساعة ومن ذلك الوقت عبدت الاصنام ، واتخذت الاوثان ، وقال قوم كانت
__________________
(١) زيادة عن القرماني.