أحمر دل على الدماء والحروب وقصد الاعداء ، وإن كان أسود دل على كثرة الامطار والسيول وفساد بعض الارض بذلك ، وان كان أصفر دل على النيران وعلى آفات تحدث في الفلك.
وما كان منه يخرج مختلط اللون دل على مظالم الناس وفساد بعضهم لبعض وإهمال ملوكهم الامور ، وأشياء تدل على هذا الضرب ، وكانت هذه القبة على منارة أقامت زمانا من ملكه ثم هدمها.
ومما عمل له أيضا بالغرب في الصحراء التي تقرب منه ، وكانت الوحوش قد كثرت عليهم وأفسدت زرعهم ، وكذلك خنازير الماء ، فعمل شجرة من نحاس أقامها في موضع فما وصل إليها من الوحش لم يستطع الحركة ولا البراح من عندها حتى تؤخذ قبضا فيقتل ، فاتسع الناس في لحوم تلك الوحوش ، فوجه بعض الملوك المجاورين لمصر عن احتيال لتلك الشجرة فقلعها واحتملها ليضعها في بلده فيعمل له مثلها ، فلما قلعت من موضعها بطل عملها فلم ينتفع بها ، لانهم كانوا يعملون ما يعملونه من ذلك بطالع يأخذونه فلا يزال مستقيما إلى أن يغير مكانه وينقل عنه.
ومما عمل في وقته أن غرابا نقر عين صبي من أولاد الكهنة فقلعها ، فعمل أبوه شجرة من نحاس عليها غراب في منقاره حية بادية الطرفين ، وهو ناشر الجناحين ، وكتب على ظهره كتابا ، فكان الغربان يقعن على تلك الشجرة حتى يمتن أو يؤخذن فيقتلن ، فهلك كثير منها وانتفى إلى الشام وغيرها من النواحي.
ولم يزل الامر كذلك إلى أن صار لبعض ملوكهم داء لم يكن له دواء إلا أن يطبخ له غراب فيأكل من لحمه ويشرب مرقه ، فطلب له غراب فلم يكن في وجوده حيلة ، فوجه إلى ناحية الشام من يأتيه بغراب فأبطأ وزادت علته