واجلس فيه على سرير ملكه ، وجعل معه من المال والجوهر والتماثيل واصناف الحكم والمصاحف شئ كثير ، ومات وله أربعمائة واربعون سنة.
وولي الامر من بعده ابنه منقاوس الملك فقام مقام أبيه ، وملك بحزم وحكمة فأظهر مصاحف الحكمة ، وأمر بالنظر فيها وان تنسخ بخط العامة ليفهموها ، ورد الكهنة إلى مراتبهم.
وهو أول من عمل الحمام من ملوك مصر وكان كثير النكاح ، وتزوج عدة نسوة من بنات عمه ومن بنات الكهنة ، وجعل لكل امرأة منهن مكانا قد أصلحه بالبنيان العجيب والصور المونقة والفرش الحسنة ، والآلات العجيبة ، وأسكنهن فيها.
وقال بعض أهل الاثر إنه هو الذي بنى منف لبناته ، وكن ثلاثين بنتا ورحلهن إليها ، وعمل مدنا غيرها ومصانع ، وبنى هيكلا لصور الكواكب وأصنامها على ثمانية فراسخ من منف ، وعمل بتلك الناحية طلسمات كثيرة وغرائب أغرب فيها بفضل حكمته على أبيه وجده ، وعمل للسنة اثني عشر عيدا يعمل في كل عيد من الاعمال ما كان موافقا لبرج الشهر ، وكان يعظم الناس في تلك الاعياد ويوسع عليهم في أحوالهم وأرزاقهم ، ورأوا معه من الخير ما لم يروه مع غيره ، وفتح عليه من المعادن ما لم يفتح على أحد قبله.
وألزم أصحاب الكيمياء العمل ، فكانوا لا يفترون ليلا ولا نهارا ، فاجتمعت عنده أموال عظيمة وجوهر كثير وزجاج مسبوك من الادرك وغيره ، فأحب كنزها ، فدعا أخا له كان يكرمه ويحبه ، فقال له قد كثر ما عملناه من التماثيل ، وعظم ما ادخرناه من الذهب والجواهر ، ولست آمن أن يتسامع الملوك بكثرة ذلك ، فيتألفوا على غزونا فخذ ذلك كله ، وتوجه به