فأمعن في أرض الغرب ، ثم انظر مكانا حريزا خفي الاثر فأحرزه فيه. وأسس عليه وعلمه بعلامات واكتب صفة المكان وعلاماته ومن أين الطريق إليه ، وعد الي إن شاء الله تعالى.
فيقول أهل الاثر انه حمل مع نفسه إثنا عشر الف عجلة ، منها من الجواهر النفيسة ثلاثمائة ، وسائرها ذهب إبريز ، وصفائح مضروبة ، وطرائف الملوك من آلاتهم وسلاحهم وأوانيهم ، وسار في الجنوب يوما واحدا ، ثم سار في الغرب يوما كاملا وبعض آخر ، فانتهى في اليوم الثالث إلى جبل أسود منيع ليس له مصعد بين جبال مستديرة به ، فعمل تحت ذلك الجبل أسرابا ومغاير فدفن فيها ما كان معه ، وردم عليه كما أمره أخوه ، وعلم وزبر وأتقن ذلك جهده ، ورجع إلى أخيه فأعلمه.
فمكث بعد ذلك أربع سنين يبعث في كل سنة عجلا كثيرا فيدفن فيها في أكواخ شتى ، وهو الذي عمل بيتا فيه تماثيل تنفع من جميع العلل ، وكتب على رأس كل هيكل تمثال ما يعالج به ، فانتفع الناس بها زمانا إلى أن أفسدها بعض الملوك بالحكمة.
وفي هذه المدينة صورة امرأة من حجر مبتسمة لا يراها مهموم إلا تبسم ونسي همه ، وكان الناس يتناوبونها ، ويطوفون حولها ، ثم عبدوها من بعد.
وعمل تمثالا طائرا روحانيا من ظفر مذهب كأنه يشير بجناحيه ، ووضعه على اسطوانة في وسط المدينة ، وكان لا يمر به زان ولا زانية إلا كشف عورته بحضرته ، وكان الناس يمتحنون به فامتنع الناس من الزنا فرقا منه ، فأقاموا كذلك إلى زمان فاكن (١) الملك ففسد أمره وبطله.
__________________
(١) هكذا في الاصل ، ولعله كلكن.