وذلك أن امرأة من نسائه وكانت حظية عنده عشقت رجلا من خدام الملك وخافت أن يرقى ذلك إلى الملك فيمتحنها من ذلك الصنم فتفتضح فيقتلها ، فأقامت مفكرة في الحيلة في ذلك ، إلى أن خلا بها في بعض الليالي وهما يشربان فأخذت في ذكر الزواني وسبهن وذمهن ، فذكر الملك ذلك للصنم ، وما فيه من المنافع للناس وما يستحق من فعله من الثناء والذكر الحسن ، فقالت له إنه لكذلك وقد صدق الملك غير أن منقاوس لم يصب الرأي في أمره ، فقال : وكيف؟ قالت : لانه أتعب نفسه وحكماءه فيما جعله لصلاح أمر العامة دون أمر نفسه ، وهذا أكبر العجز ، وإنما كان حكم هذا التمثال أن ينصب في دار الملك حيث يكون نساؤه وجواريه ، فان اقترفت إحداهن ذنبا علم الملك به وجازى عليه في ستر ، ولم تعلم العامة شيئا منه ، فيكون ردعا لمن في قصره عماتهم به مغتلمة ، وقد غلبتها شهوتها مرة ربما في عمرها لان شهوات النساء أكثر من شهوات الرجال ، وأغلب لنقصان عقولهن عن عقول الرجال ، وأما الآن فلو حدث شئ من ذلك في قصر الملك ، وأعوذ بالنور الاعلى منه ، وأحب امتحانه فضح نفسه ، وشاع في العامة والخاصة امره ، فان عاقب بغير امتحان كان متعديا ، وإن صبر صبر على المكروه.
قال الملك صدقت فيما قلت وأنزل قولها على النصيحة والصدق ، وعلم أنها لم تشر بذلك إلا لامر وقفت عليه ، ولم ترد كشفه ، فلما أصبح نزع الصنم من موضعه ووضعه في قصره في مكان أعد له بلا مهلة ولا مشاورة حكيم ولا عالم ، فلما نصب في القصر امتحن مرارا فلم يصنع شيئا عند الامتحان.
وندم الملك على تحريكه وأقبلت جارية الملك على ما كانت همت به من الفجور وانهمكت فيه.
وهذه الاعمال إنما تعمل بعد رصد الكواكب واختبارات أماكنها في الواجب من أوقات المعمول له ذلك.