وقد ذكر أهل اخميم أن رجلا من أهل المشرق ، وكان يلزم البربا ويأتي إليه كل يوم ببخور وخلوق فيبخر ويطيب صورة كانت في عضادة باب البربا فيجد تحتها عند رجليها دينارا فيأخذه وينصرف ، ففعل ذلك وأقام عليه مدة طويلة ، حتى وشى به غلام إلى عامل البلد ، فقبض عليه فبذل له الرجل مالا ، وخرج عن البلد.
ويقال إن منقاوس بنى هيكلا للسحرة على جبل القمر ، وقدم عليه رجلا منهم يقال له مستهمس ، وكانوا لا يطلقون الريح للمراكب المقلعة إلا بغرامة يأخذونها منهم ، وكان الملك إذا ركب عملوا بين يديه التماثيل الهائلة فيجتمع الناس ويتعجبون من أعمالهم وأمر أن يبنى له هيكل للعبادة يكون له خصوصا ، ويجعل فيه صورة الشمس والكواكب ، وجعل حوله أصناما وعجائبا ، فكان الملك يركب إليه ويقيم فيه سبعة أيام وينصرف ، وجعل فيه عمودين ، وزبر عليهما تاريخ الوقت الذي عملا فيه وهما باقيان إلى اليوم ، وموضع ذلك يقال له عين شمس.
ونقل منقاوس إلى عين شمس كنوزا وجواهر وطلسمات وعقاقير ودفنها بنواحيها.
وكان قد قسم خراج البلد أرباعا ، فربع منها للملك خاصة ينفقه فيما يشاء ويفعل به ما يريد ، وربع لارزاق الجند ، وربع ينفقه في مصالح الارض ، وما يحتاج إليه من عمل جسورها وحفر خلجانها وأجبر أهلها على العمارة ، وربع يدفن لحدث يحدث.
وكان خراج البلد يومئذ مائة ألف ألف وثلاثة آلاف ألف (١) وقسمتها على ثلاثمائة كورة وثلاث كور.
__________________
(١) في ق : وكان خراج مصر إذ ذاك مائة الف الف الف وثلاثمائة دينار.