وهي اليوم خمسة وثمانون كورة ، أسفل الارض خمسة وأربعون كورة ، والصعيد أربعون كورة.
وكان في كل كورة كاهن يدبر أمرها ، وصاحب حرب ، وأقام ملكا إحدى وسبعين سنة ، ومات من طاعون أصابه ، وقيل إنه سم في طعامه ، وعمل له ناووس في صحراء القبط ، وقيل في غربي قوص ، ودفن معه من المصاحف وأكاسير الصنعة المعمولة وتمثيل الذهب والجوهر ، ومن الذهب المضروب شئ كثير.
وقد كانت ماتت له قبل موته جارية كانت أحظى نسائه عنده ، وكان يحبها حبا شديدا ، فأمر بعمل صورتها في جميع الهياكل ، وعمل له تمثالها بذؤابتين من ذهب أسود ، وألبسه حلة من جوهر منظوم ، وجعلت جالسة على كرسي من ذهب ، وكانت تحمل بين يديه في كل موضع يجلس فيه ليتسلى بذلك عنها ، فدفنت تلك الصورة عند رجليه ، كأنما يخاطبها.
ولما فرغ من أمره جلس ابنه مناوس الملك بعد أبيه على سرير الملك فطلب الحكمة بعد ، مثل أبيه وأكرم أهلها ، وبذل الجوائز على الغرائب التي لم يتقدم عملها لمن تقدم قبله ، وأثبت كل ما عمل من ذلك في كتب تواريخهم ، وزبر على الحجارة في هياكلهم.
ومناوس أول من عبدالبقر ، وكان السبب في ذلك انه اعتل علة فيئس فيها من نفسه ، وأنه رأى في منامه روحانيا عظيما يخاطبه ويقول له : لا يخرجك من علتك إلا عبادتك البقر ، لان الطالع كان وقت حلولها ، فلك الثور ، وهو في صورة ثور بقرنين فأمر عند انتباهه ، فأخذوا ثورا أبلق حسن الصورة ، وعمل له مجلسا في قصره وسقفه قبة مذهبة ، وكان يبخره ويطيبه ويحسن علفه ، ووكل به سايسا من خدمه يقوم به وينظفه ويكنس