وعلى رأس مائتي (١) سنة من عمره هلك يمحويل ملك الكفرة وملك بعده ابنه الدرمشيل ، فشدد في عبادة الاصنام ، وأعلى أمرها ، وجمع الناس إليها ، وأخذهم بالتعبد لها ، فأظهر نوح عليه السلام دين الله عزوجل ، وكان يدور [في] محالهم وأسواقهم وهيا كلهم يدعوهم إلى الله تعالى وكانوا (٢) يطوون ذلك عن مليكهم ، ويزجرون مع ذلك نوحا ويهددونه ، ويهولون عليه ، إلى أن جلت قصته ، وعظم أمره ، وتحاماه الناس ، وتخاطبوا في أمره ، إلى ان اتصل ذلك بمليكهم (٣) فأحضره وانتهره ، وتقدم إليه أن لا يعاود.
ويقال إن الذي فعل هذا يمحويل ، وإنه حبسه ، وبعد ثلاث سنين من حبسه هلك يمحويل.
وولي الدرمشيل ، فأخرجه من الحبس ، وتقدم إليه أن ينتهى عن إفساد الدين وسب الآلهة ، فكان لكل صنم من أصنامهم الكبار عيد في وقت من أوقات السنة يحضرون وينحرون له ويطوفون به ، فحضر عيد يغوث ، فاجتمع الناس إليه من كل مكان ، فأتاهم نوح عليه السلام ، فقام في وسطهم وناداهم أن قولوا لا إله إلا الله ، فوضعوا أصابعهم في آذانهم ، وأدخلوا رؤوسهم تحت ثيابهم وسقطت الاصنام عند ندائه عن كراسيها ، فوثبوا عليه فضربوه وشجوه ، حتى سقط على وجهه وسحبوه إلى قصر الملك حتى ادخلوه عليه ، وكان في مجلس مزخرف بأنواع الالوان ، وبدائع التصاوير والاصباغ ، مفروش برفيع الحرير ، على سرير مصفح بالذهب ، منظوم بالجوهر.
فلما مثل بين يديه قال له : الم اعهد اليك وانهك عن التعرض لشئ من امور الآلهة ، و[ان] تدعوهم إلى ما لا يعروفونه ، وزاد امرك حتى سجدت
__________________
(١) في ب : مائتين.
(٢) في ب : وكان.
(٣) في ب : لميلكهم.
أخبار الزمان م (٦)