الآلهة ، والقيتها عن كراسيها ، ومواضع شرفها وعزها؟ من علمك ذلك؟ ومن اين وصل اليك؟
فقال له نوح عليه السلام وهو مخضوب بدمائه : لو كانت آلهة لما سقطت ، فاتق الله يا درمشيل ، ولا تشرك بالله فانه يراك! فقال له الملك ، فكيف قدرت أن تخاطبني بهذا الخطاب! فأمر بحبسه إلى أن يحضر عيد الصنم الآخر ، فيذبحه له تقربا به إليه ، وأمر برد الاصنام على كراسيها.
وأن الدرمشيل رأى رؤيا هالته في أمر نوح عليه السلام ، فأمر باخراجه وتخلية سبيله ، وأخبرهم أنه مجنون لا حرج عليه.
وكان في زمانه سويدين الكاهن فعرفهم بأمر الطوفان ، وقرب زمانه ، وكان يأمر بقتل نوح عليه السلام والله يعصمه منهم.
فولد لنوح بعد خمسمائة سنة من عمره سام وبعده حام وبعده يام وبعده يافث ، وطال أمر نوح معهم فلم يؤمن به إلا نفر يسير من العالم ، وقيل له أنؤمن بك ، واتبعك الارذلون (١).
وقيل كانوا من أهل صنعته ، وكان صلى الله عليه وسلم نجارا ، ومضت لهم ثلاثة قرون ، قرن بعد قرن ، ونوح عليه السلام يذكرهم ويدعوهم إلى الله تعالى فلا يزدادون إلا طغيانا وعتوا وتجبرا واستكبارا ، وقتل من كان اتبعه فكان يدعوهم إلى الله سبحانه فأوحى الله إليه (إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) فحينئذ يئس منهم ودعا عليهم ، فقال (رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا).
وأمر نوح عليه السلام بعمل السفينة وقد قطع الله عن قومه النسل ، وكثر عليهم القحط ، وقلت عمارتهم وكانوا يستعينون على عبادتهم بأصنامهم ولا تنفعهم.
__________________
(١) في الاصل : الازلون ، وقد رسمناها كما وردت في القرآن الكريم.