سترتموه عنّي طويلاً ، وأهديتموه إليّ قتيلاً! فأهلاً وسهلاً من هديّة غير تالية ولا مقلية ، بلّغ ـ أيّها الرسول ـ عنّي معاوية ما أقول : طلب الله بدمه ، وعجّل له الويل من نقمه ، فقد أتى أمراً فريّاً ، وقتل براً تقيّاً (١).
وكتب الامام لحسين عليه السلام إلى معاوية :
«ألست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ، العبد الصالح الذي أبلته العبادة ، فنحل جسمه ، وصفر لونه ، بعد ما أمّنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائراً لنزل إليك من رأس الجبل ، ثمّ قتلته جرأة على ربّك ، واستحفافاً بذلك العهد ... فأبشر يا معاوية بالقصاص واستيقن بالحساب واعلم أن لله تعالى كتابا (لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا) ، وليس الله بناس لأخذك بالظنة وقتلك أوليائه على التهم ونفيك أوليائه من دورهم إلى دار الغربة ، وأخذك للناس بيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر ويلعب بالكلاب ، لا أعلمك إلّا وقد خسرت نفسك وتبرت دينك وغششت رعيتك وأخربت أمانتك وسمعت مقالة السفيه الجاهل وأخفت الورع التقى» (٢).
وقد صكّت هذه الرسالة مسامع معاوية الكريهة ، وألجمت فمه البذي وقد عجز عن الجواب إلّا أن يقول : وما عسيت أن أعيب حسيناً ، ووالله ما أرى للعيب فيه موضعاً.
كان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان من الأبدال ، وكان يعرف بـ : حجر الخير ، وكان معروفاً بالزهد وكثرة القيام والعبادة ، حتّى حُكي أنّه كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة (٣).
__________________
١. بحار الأنوار : ج ٣٤ ، ص ٢٧٩.
٢. بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٢١٣.
٣. سفينة البحار : ج ٢ ، ص ٩٧. ولاحظ عظمة منزلته وعظيم مواقفه ، وكونه من أجلّاء العدول