والواقع ان الباحث المتتبع يمكن ان ينتزح من آرائهم ونصوصهم حول هذه المواضيع ان الاكثرية الغالبة ترفض رواية الشيعي بقول مطلق بنحو يصح نسبته إلى جمهور اهل السنة واحسب ان هذا هو اول ما يهتدي إليه الباحث بعد استقصاء آرائهم وتمحيصها لانهم متفقون على انهم من اهل البدع والاهواء وبدعتهم ليست كغيرها من البدع التي يمكن ان يجد لها الانسان تفسيرا مقبولا على حد زعمهم ، ومع ذلك فلا يصح نسبته إلى الجميع.
وجاء في الباعث الحثيث للشيخ احمد محمد شاكر ما يؤيد ذلك ، حيث قال : اهل البدع والاهواء إذ كانت بدعتهم مما يحكم بكفر القائلين بها لا تقبل روايتهم بالانفاق كما نص على ذلك النووي ، واضاف إلى ذلك ان السيوطي انكر الالفاق الذي يدعيه النووي ، لوجود القائل بقبول روايتهم مطلقا ، ووجود من يقول بقبولها إذا اعتقد الراوي حرمة الكذب.
واما من كانت بدعته لا توجب الكفر ، فان بعضهم لم يقبل روايته مطلقا ، وبعضهم قبلها إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه ، وروى ذلك عن الشافعي ، حيث قال : ما رأيت في اهل الاهواء والبدع اشهد بالزور من الرافضة.
وقال بعضهم : تقبل رواية المبتدع إذا لم يكن داعية إلى بدعته ولا تقبل إذا كان داعية إليها ، وفي رأي النووي ان الاكثر يذهبون إلى ذلك (١).
ومن مجموع ذلك تبين انهم لم يتفقوا على رأي واحد في هذه المسألة ، وان بينهم من يرجح قبول رواية المبتدع في الاحوال كلها ، وان
__________________
(١) انظر الباعث الحثيث ص ١٠٠.