يجد بدا ، من التسائل ، بل وحتى من اتهامه بالتعصب ضد الشيعة كما ذكرنا.
ولو افترضنا ان له عذرا بالنسبة لاهماله لرواة الشيعة ومحدثيهم فهل يستطيع احد ان يجد له عذرا مقبولا يجعله في حل من تجاهله للامام الصادق والائمة الهداة من ذرية الرسول (ع) الذين كا نوا يروون عنه وعن جدهم علي (ع) وكانوا على صلة باراء جميع الفقاء والمحدثين على اختلاف مذاهبهم ونزعاتهم.
ومنهم محمد بن شهاب الزهري احد علماء التابعين ، المتوفى سنة ١٢٢ ، وكانت صلاته بقصور الامويين من اوثق الصلاة ، وتولى لهم القضاء فافاضوا عليه من عطائهم وهباتهم ، كما تؤكد ذلك المصادر التاريخية.
ومن المعلوم ان الحكام وبخاصة الامويين منهم كانوا ابعد عن الدين واهله من غيرهم ، ولم يقربوا من العلماء الا من كان يؤيد تصرفاتهم ، ويمنحهم صفات الخلفاء الشرعيين لرسول الله (ص).
وجاء في تاريخ اليعقوبي ، ان عبد الملك بن مروان لما منع الناس من الحج إلى مكة يوم كان ابن الزبير مسيطرا على الحجاز ، ضج الناس من منعهم عن اداء فريضة الحج ، فاستنجد عبد الملك بالزهري لكي يجعل له مخرجا من تلك الازمة ، فوضع له حديثا عن الرسول (ص) ينص على انه قال : لا تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد بيت المقدس ، وان الصخرة التي وضع رسول الله قدمه عليها تقوم مقام الكعبة فبنى عبد الملك على الصخرة قبة وعلق عليها ستور الديباج ، واقام لها سدنة واخذ الناس ان يطوفوا حولها كما يطوفون حول الكعبة نكاية باخصامه السياسيين (١).
__________________
(١) انظر ص ٨ من المجلد الثاني من تاريخ اليعقوبي.