قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ، فقال النبي (ص) فحج آدم موسى وكررها ثلاثا. إلى غير ذلك من المرويات التي أوردها البخاري في صحيحه حول القدر المتفقة في مضامينها (١).
وجاء في الكافي حول هذا الموضوع عن منصور بن حازم ان أبا عبد الله الصادق (ع) قال : ان الله خلق السعادة والشقاء قبل أن يخلق خلقه ، فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه أبدا ، وان عمل شرا أبغض عمله ولم يبغضه ، وان كان شقيا لم يحبه ابدا ، وان عمل صالحا أحب عمله ، وأبغضه لما يصير إليه ، فإذا أحب الله شيئا لم يبغضه ابدا ، وإذا أبغض شيئا لم يحبه ابدا (٢).
وروى عن احمد بن محمد بن خالد بسنده إلى على بن حنظلة ان ابا عبد الله الصادق (ع) قال : يسلك بالسعيد طريق الاشقياء حتى يقول الناس : ما اشبهه بهم ، بل انه منهم ، ثم تتداركه السعادة ، وقد يسلك بالشقي طريق السعادة حتى يقول الناس : ما اشبهه بهم بل انه منهم ، ثم تتداركه السعادة ، وقد يسلك بالشقي طريق السعادة حتى
__________________ـ
(١) انظر ص ١٤٣ وما بعدها من المجلد الرابع.
(٢) والمراد من قوله ان الله خلق السعادة والشقاء قبل ان يخلق خلقه انه تعالى علم ما سيكون من امر الانسان من حيث اختياره لسلوك طريق لسعادة أو الشقاء فقدر عليه ما يختاره وكتبه مع السعداء أو الاشقياء فأحب السعيد وابغض الشقي. ومع ذلك فلو صدر من الشقي عمل مالح أحب منه ذلك العمل. ولو صدر من السعيد عمل قبيح ابغضه وان كان هو في ذاته محبوبا له سبحانه. فهذه الرواية وما ورد بهذا المضمون لا تدل على ان الانسان مسير في اعماله لما قدر عليه ولا يختار من امره شيئا كما يدعي القائلون بهذه المقالة ولعل المرويات التي اوردها البخاري وغيره من محدثي السنة من جملة الدوافع على انتشار هذه المقالة بين محدثي السنة وفقهائهم وجميع اصنافهم مع انها لو صحت عن النبي (ص) لا بد من تأويلها بما ذكرنا.