يقول الناس ، ما اشبهه بهم بل هو منهم ، ثم يتداركه الشقاء ، ان من كتبه الله سعيدا وان لم يبق من الدنيا فواق ناقة ختم له بالسعادة (١).
وروى عن ابي بصير انه قال : كنت بين يدي ابي عبد الله الصادق (ع) جالسا وقد سأله سائل فقال : جعلت فداك يا بن رسول الله من اين لحق الشقاء أهل المعصية حتى حكم الله عليهم في علمه بالعذاب على عملهم ، فقال : ايها السائل حكم الله عزوجل لا يقوم له احد من خلقه بحقه ، فلما حكم بذلك وهب لأهل محبته القوة على معرفته ، ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله ، ووهب لأهل المعصية القوة على معصيتهم لسبق علمه فيهم ، ومنعهم اطاقة القبول فوافقوا ما سبق لهم في علمه ، ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه ، لان علمه أولى بحقيقة التصديق (٢).
وروى في الكافي في باب الجبر والقدر ما يرفع الالتباس ويفسر المراد من القدر ، عن سهل بن زياد واسحاق بن محمد ، قالا : كان أمير المؤمنين جالسا في الكوفة بعد منصرفه من صفين ، إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه ، وقال له : يا امير المؤمنين اخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام ابقضاء من الله وقدر؟ فقال (ع) أجل يا شيخ ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد الا بقضاء من الله وقدر ، فقال له الشيخ : عند الله احتسب عنائي يا أمير المؤمنين ، فقال له مه يا شيخ ، والله لقد عظم الله لكم الاجر في مسيركم وانتم سائرون ، وفي مقامكم وانتم مقيمون ، وفي منصرفكم وانتم
__________________ـ
(١) هذا الحديث يتفق مع الحديث الذي رواه البخاري عن النبي اتفاقا كليا.
(٢) فحكم الله عليهم نشأ من علمه باختيارهم طرق الشقاء. والسعادة وحيث علم منهم ذلك وعلمه لا يمكن ان يخلف حكم عليهم وامدهم بالقوة والقدرة فهم قادرون على الشر والخير وجودا وعدما. إذ لا تصدق القدرة الا إذا تساوت بالنسبة للوجود والعدم وبذلك يصح الثواب والعقاب والمدح والذم.