وقد اورد في الكافي مجموعة من المرويات عن الائمة (ع) تفسر المراد من القدر والقضاء الذي يجب الايمان بهما وتنص على ان القدر والقضاء لا يسلبان ارادة العبد وقدرته على افعاله ، مع العلم بأنه هو الذي أمد الانسان شقيا كان في علم الله ، ام سعيدا بالقدرة والقوة على مزاولة اعماله والاتيان بها.
فقد جاء في رواية يونس بن عبد الرحمن عن حفص بن قرط عن ابي عبد الله الصادق (ع) ان رسول الله (ص) قال : من زعم ان الله يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم ان الخير والشر بغير مشيئة الله فقد اخرج الله عن سلطانه ، ومن زعم ان المعاصي بغير قوة الانسان فقد كذب على الله ، ومن كذب على الله ادخله الله النار (١).
وروى عن علي بن الحكم عن صالح النيلي انه قال : سألت ابا عبد الله (ع) هل للعباد من الاستطاعة شئ فقال : إذا فعلوا الفعل كانوا مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها الله فيهم ، قلت وما هي؟ قال الآلة ، مثل الزاني إذا زنى كان مستطيعا للزنى حين زنى ولو انه ترك الزنى ولم يزن كان مستطيعا لتركه إذا ترك ، ثم قال : ليس له من الاستطاعة قبل الفعل قليل ولا كثير ، ولكن مع الفعل والترك كان مستطيعا ، قلت فعلى ماذا يعذبه! قال بالحجة البالغة : والآلة التي ركبها فيهم ، ان الله لم يجبر احد! على معصيته ، ولا أراد ارادة حتم الكفر من احد ، ولكن حين
__________________ـ
(١) فقد ابطل بهذه الرواية مزاعم الفريقين المجبرة والمفوضة لان من زعم ان الله يأمر بالسوء والفحشاء يدعى بأن ارادة الله هي التي تسير الانسان بنحو لا يملك من امره شيئا ومن زعم بأن الخير والشر بغير مشيئته تعالى فقد عزل الله من سلطانه فلا بد من الواسطة بين القولين وذلك بأن نقول : مع ان الله قض وقدر فقد اعطى الانسان القدرة على افعاله والقوة عليها فهو يفعل بالقدرة التي وهبها له على الفعل والترك ، فإذا فعل أو ترك يصح نسبة الفمل أو الترك إليه من حيث تساوي قدرته بالنسبة اليهما.