وكتب بي سعيد ، وعلي بن مهزيار ، وحفص بن غيات وغيرها من الكتب والمؤلفات في الحديث ، مع العلم بان بعض مؤلفي هذه الكتب ليسوا من الامامية ، والبعض الآخر كان منحرفا عن المذهب الامامي. ويرجع إلى غير الامام الشرعي ، إلى غير ذلك من القرائن والمناسبات التي تؤكد صحة مضمون الخبر ، وان لم يكن في نفسه وبلحاظ سنده مستوفيا لشرائط الصحيح التي يجب ان تتوفر في الرأوي حسب الامول المقررة في علم الد راية (١).
ومن ذلك تبين ان الصحيح في عرف المتقدمين يتسع لكل ما يجوز الاعتماد عليه ، سواء كان ذلك لناحية السند أو لغيره من الاسباب التي ذكرناها فيدخل في ذلك الموثق ، والحسن وحتى الضعيف المقترن ببعض القرائن ، وما عدا ذلك فهو من نوع الضعيف الذي لا يجوز الاعتماد عليه بحال من الاحوال ، ولعل الذي سهل للمتقدمين ان يتوسعوا في استعمال الصحيح إلى هذا الحد في حين ان كثيرا من الاخبار المقبولة لم تتوفر فيها عند المتأخرين القرائن التي ثوكد صحة مضمونها ، لعل الذي سهل لهم ذلك قربهم من عصر الائمة (ع) واتصالهم بالطبقة التي اهتمت بتصفية الحديث ، ووضعت الحواجز والسدود في طريق المنحرفين والمهتمين بالكذب على اهل البيت (ع) بالاضافة إلى ثقتهم باصحاب الاصول الاربعمائة ومؤلفاتهم واحاطتهم بالقرائن التي ترجح صدق الراوي وان لم يكن في نفسه من الممدوحين بالصدق والامانة ، في حين ان اكثر هذه العوامل تد تلاشت بسبب بعد الزمان ، وضياع اصول تلك المؤلفات التي دونها اصحابها واشرف على تصفيتها القيمون وغيرهم في الفترة الواقعة بعد النصف الاول من القرن الثاني إلى اواسط القرن الثالث.
__________________
(١) انظر ص ٥٤ و ٥٥ من العدة الطوسى ، وانظر مقباس الهداية في علم الدرأية للمامقاني.