والشهوات ، لقد احبوا وكرهوا وخاصموا وانتقموا واستحل بعضهم دماء الاخرين في سبيل الجاه والسلطان. ان هؤلاء الذين ألبسوا جميع الصحابة ثياب القديسين واعطوهم صفات الانبياء المرسلين ، قد ناقضوا انفسهم فصدقوا التاريخ فيما رواه من اعمالم الطيبة ومواقفهم الخالدة ، وكذبوه في غير ذلك من المرويات التي تصور لنا جشعهم وانهماكهم في المعاصي والمنكرات ، مع العلم بأن التاريخ الذي روى لنا محاسن اخبارهم ، روى لنا سيئات اعمالم بشكل اوثق واقرب إلى منطق الاحداث التي توالت خلال تلك الفترة من تاريخهم المشحون بالاحداث والمتناقضات ، والتنافس على المال الحرام والجاه والسلطان.
ومجمل القول ، ان للآيات التي استدل بها ، الجمهور على عدالة الصحابة لا يستفاد منها اكثر من التنويه بصضل من جاهد في سبيل الله بماله ونفسه ابتغاء مرضاة الله وطمعا في ثوابه ، كما يبدو ذلك بعد الرجوع إليها وملاحظة اسباب نزولها وملابساتها فالآية الاولى بمنطوقها تنص على ان جماعة من انصار النبي (ص) كانوا اشداء على الكفار رحماء بينهم ، قد انصرفوا إلى العبادة حتى ظهرت آثار ذلك في جباههم ووجوههم ، وهذه الصفات لم تتوفر الا في عدد محدود من الصحابة فضلاعن جميعهم.
والآية الثانية لم تتعرض الا للسابقين في فعل الخيرات والطاعات وتفضيلهم على غيرهم من الكسالى والمقصرين ، فهي من حيث مؤداها اشبه بقول الرسول (ص) من سن سنة حسنة كان له اجر من عمل بها : ومن سن سنة سيئة كان عليه وزر من عمل بها.
وجاء عن جماعة من المفسرين ، ان للآية تشير إلى من صلى مع النبي القبلتين ، وقال آخرون : افا نزلت فيمن بايع بيعة الرضوان ،