وآتى الزكاة ، وصام شهر رمضان وحج البيت (١) ويتلقاه أخا لعامة المسلمين ، ويجعلهم صفا واحدا في مقابل المشركين والطغاة من اليهود والنصارى ، فلماذا لا نقبل إيمان من آمن بأزيد مما جاء في تلك الرواية. ولو كان هناك اختلاف فإنما هو اختلافات كلامية أوجدها الجدل وصقلها البحث طوال القرون ، مثلا الاختلاف في كون التكلم والارادة من صفات الذات أو من صفات الفعل. وإن كان اختلافا حقيقيا وجديا لكنه اختلاف كلامي لا يتوقف عليه الاسلام والايمان ومثله سائر البحوث الكلامية التي أوجدت الانشقاق بين علماء المسلمين من حدوث كلامه وقدمه ، وخلود مرتكب الكبيرة وعدمه.
ومثل ذلك الاختلاف في الفروع الفقهية من الطهارة إلى الديات فإنها اختلافات أوجدها البحث والاجتهاد من خلال الاستنباط من الكتاب والسنة والغاية هي الوصول إلى واقع الكتاب والسنة وإن كان المصيب واحدا والمخطئ متعددا.
فاللازم على المسلمين في هذه اللحظات الحاسمة التمسك بالعروة الوثقى وبحبل الله المتين والانظواء تحت المشتركات وارجاع الاختلافات إلى المدارس والمحافل العلمية التي يكثر فيها البحث والجدال وفي النهاية يخرجون منها أخوة متحابين.
٢ ـ الالتفات حول أهل البيت من أواصر الوحدة
إن من وسائل التقريب بل من أواصر الوحدة الاسلامية التمسك بأهل البيت ، والاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم وتقريراتهم ، فإن المسلمين مهما اختلفوا في شئ لم يختلفوا في طهارتهم وتنزيههم ، وبالتالي حجية كلامهم لانهم أحد الثقلين الذين أوصى الرسول بالتمسك بهما في غير موقف من مواقف حياته ، وقد تكلم الذكر الحكيم في عدة مواضع عنهم وأشاد بفضلهم وكرامتهم ، وإليك البيان بوجه موجز.
__________________
(١) لاحظ جامع الاصول لابن الاثير ١ / ١٥٨ ـ ١٥٩ فقد جمع ما رواه البخاري ومسلم في ذلك المجال.