منا رجلا دخل في دين محمد ، ولاننا جحهم ولا نبايعهم ولا نجالسهم ولا ندخل عليهم ولا نأذن لهم في بيوتنا ، ففعلوا.
فبلغ ذلك عبد الله بن سلام واصحابه ، فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عند الظهر ، فدخلوا عليه فقالوا : يا رسول الله إن بيوتنا قاصية (١) من المسجد ، فلا نجد متحدثا دون هذا المسجد وإن قومنا لما رأونا قد صدقنا الله ورسوله وتركناهم ودينهم ، أظهروا لنا العداوة ، فأقسموا أن لا يناجحونا (٢) ولا يواكلونا ولا يشاربونا ، ولا يجالسونا ، ولا يدخلوا علينا ولا ندخل عليهم ، ولا يخالطونا بشئ ولا يكلمونا ، فشق ذلك علينا ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد المنازل.
فبينما هم يشكون لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمرهم ، اذنزلت : (إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).
فقرأها عليهم فقالوا : قد رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين وليا (٢).
وأذن بلال ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والناس في المسجد يصلون من بين قائم في الصلاة وراكع وساجد ، فإذا هو بمسكين يطوف ويسأل الناس ، فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : هل اعطاك أحد شيئا؟ قال : نعم ، قال : ماذا اعطاك؟ فقال : خاتم فضة قال : من أعطاكه؟ قال : ذاك الرجل القائم.
فنظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإذا هو علي بن أبي طالب.
فقال : على أي حال أعطاكه؟ قال : اعطانيه وهو راكع. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
__________________
(١) قاصية : بعيدة.
(٢) في لسان العرب : وقد انجح وقد نجحت حاجتى وانجحت وانجحتها لك وانجحها الله تعالى : اسعفنى بالادراك.
(٣) التفسير الكبير ١٢ / ٢٥.