استدلالهم بهذا الحديث ، كلّ تلك القضايا أدلة أُخرى وشواهد على أنّ هذا الحديث يدلّ على مقام عظيم لأمير المؤمنين ، يدلّ على شأن كبير ، وإلاّ لما فعلوا ، ولما تصرّفوا ، ولما ضربوا وكسروا المنبر ، ولما أهانوا المحدّث الحافظ الشهير الكبير عندهم ، كما سنقرأ.
ثمّ إنّ الأحبيّة إلى الله والرسول لمّا لا تكون اعتباطاً ، ولابدّ من سبب ، والمفروض أنّ تلك الأحبيّة إلى رسول الله لم تكن لميول نفسانيّة ولم تكن لاغراض شخصيّة ، لأن رسول الله أعلى وأجلّ وأسمى من أن يحب شخصاً ويجعله أحبّ الخلق إليه لمجرّد ميل نفساني ، فما هي تلك الضوابط التي أشرنا إليها ؟
نحن لا علم لنا بتلك الضوابط على نحو الدقّة ، لا نعلم بها ، الأمر أدقّ من هذا ، أدقّ من أن تتوصّل إليه عقولنا وأفهامنا ، الأمر أدقّ من أن نفهم أنّ النبيّ أيّ معيار كان عنده لأن يتّخذ أحداً أحبّ الخلق إليه ، نحن لسنا في ذلك المستوى لأن نعرف ذلك المعيار ، لأنْ نعرف ملكات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتّى نتمكّن من تعيين من هو أحبّ ، اللهمّ إلا عن طريق تلك الأحاديث الواردة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، عن طريق الأحاديث المتواترة القطعيّة ، عن طريق الأحاديث المتفق عليها بين الطرفين.