«أحرس» المسند لضمير المتكلم المتصل ، إلى الضمير المتصل ، وهو ياء المتكلم ، مع أنه ليس من باب (ظنّ ، وفقد ، وعدم) وملخصه أن أفعال باب ظنّ ، يصح أن يكون فاعلها ومفعولها واحدا ، كقولك «أظنني فعلت كذا ، وأحسبني قرأت كذا فالفاعل «أنا» و «ياء المتكلم» أنا. وقد استعمل الشاعر في البيت الفعل أحرس ، استعمال ظن وأخواتها ، وهذا غير جائز. ولكن الشاعر لم يقل الشطر الأول على هذه الصورة وإنما جاء في شعر للنمر بن تولب كما يأتي ، مع بيت قبله :
ومنهل لا ينام القوم حضرته |
من المخافة أجن ماؤه طامي |
|
قد بت أحرسه ليلا ويسهرني |
صوت السباع به يضبحن والهام |
وقوله : ومنهل : أي : وربّ منهل. وحضرته : أي : من حضوره. وأجن : بفتح الألف وسكون الجيم. قد أنتن وتغيرت ريحه. وماء طام : أي : مرتفع لقلة الورّاد.
وقوله : والهام : معطوف بالجرّ على السباع ، جمع هامة ، وهو من طير الليل.
... ومثل الرواية السابقة جاء في شعر لأبي دواد الإيادي ، وبهذا لا يكون فيه شاهد فأنت تلاحظ ، أنهم يحرّفون بيت الشعر ، ويقيمون عليه وليمة نحوية. ومما حرفوه في البيت أيضا قوله «يضبحن» وهو من الضبح ، بالضاد المعجمة ، يقال ضبح الثعلب يضبح وكذلك البوم. فقال بعض النحويين : إن أصبح تكون زائدة واستشهد بهذا (البيت ، فقال : (يصبحن) بالصاد المهملة من أصبح. وانظر. [شرح أبيات مغني اللبيب ج ٣ / ٢٨٠] والمغني بالرقم ٢٥٧].
(٥٠٣) نزور امرأ أمّا الإله فيتقي |
وأمّا بفعل الصّالحين فيأتمي |
غير منسوب والشاهد «فيأتم» أصله «فيأتمّ» بتشديد الميم ، فأبدل من الميم الثانية ياء. [الأشموني ج ٤ / ٣٣٧ ، وشرح المفصل ج ١٠ / ٢٤].
(٥٠٤) ووطئتنا وطئا على حنق |
وطء المقيّد نابت الهرم |
البيت للشاعر الحارث بن وعلة الذّهلي.... وهو غير الحارث بن وعله الجرمي. والهرم : ضرب من الحمض ترعاه الإبل. يقول : أثّرت فينا تأثير الحنق الغضبان ، كما يؤثر البعير المقيّد إذا وطئ هذه الشجيرة ، وخصّ المقيّد لأن وطأته أثقل ، وخصّ الحنق لأن ضربته تكون قاتلة. وانتصبت (وطء) على البدل ، أي : وطئا يشبه هذا الوطء وقال