والشاهد. «رحمن» فهو معمول لقول محذوف وهذا القول المحذوف مصدر فيكون فيه إعمال المصدر وهو محذوف.
فقوله : رحمن : منادى بحرف نداء محذوف ، وجملة النداء مقول لقول محذوف والتقدير : وقولكم يا رحمان.
قلت : هذا هجاء تافه. وما كان لجرير أن يشغل الناس به ، لأنهم يعرفونه ولا يطربون لذكره. وهو أيضا ، هجاء لا يؤذي الأخطل وبني تغلب ، لأنهم يفعلونه وهم مؤمنون به ، ويرون فيه عادة مستحسنة يربون أولادهم عليها.
ولو كان جرير بارعا في الهجاء ـ كما يزعم النّقاد ـ لجاءنا بما لم نعرف ، وبما يعرفه المهجو ويكتمه ، لأنه يرى فيه منقصة. وهجاء النصراني بنصرانيته ، لا يعدّه النصراني عيبا ، والإسلام الذي يؤمن به جرير ، خيّر النصراني بين البقاء على دينه ونصرانيته ، وبين الجزية ، والجزية ليست عقوبة ، ولكنها ضريبة حماية لهم ، ولذلك ، عند ما فتح خالد ابن الوليد حمص ، وأخذ الجزية من أهلها ، ثم سحب قواته منها ، أعاد الجزية إلى أهلها ، لأنّ ضريبة الجزية لا تجب إلا على من يكونون في حماية المسلمين. ولو أبيح للأخطل أن يجيب جريرا بمثل ما يهجوه به لعاب جريرا وقومه ، بما يراه النصارى عيبا. فالمعركة الأدبية هنا ليست متكافئة. ومع ذلك كله ، فإن هجاء النصارى وعيبهم بدينهم ، ليس من المنهج الإسلامي ، لأن الإسلام أبقاهم على دينهم وكفل لهم حماية أماكن عبادتهم. ولو نهج المسلمون المنهج الإسلامي الصحيح ـ بعد الصدر الأول ـ لاختار النصارى دين الإسلام ، ولم يبق نصرانيّ.
(٦٠) أعرف منها الجيد والعينانا |
ومنخرين أشبها ظبيانا |
قاله رجل من ضبّة ، وقيل لرؤبة. وظبيان : اسم رجل. أراد : أشبها منخري ظبيان.
والشاهد في البيت : والعينانا : حيث فتح نون المثنى مع الألف ، وحقّه «العينين» لأنه معطوف على منصوب. [شرح المفصل / ٣ / ١٢٩]. و [الهمع / ١ / ٤٩ ، والأشموني / ١ / ٩٠ ، والخزانة / ٧ / ٤٥٢].
(٦١) أيها السائل عنهم وعني |
لست من قيس ولا قيس مني |
مجهول. أو موضوع.