في الشواهد التي وردت في هذا الكتاب ، لوجدناها تعدّ بالمئين ، وجعلها من الضرورات ، يدلّ على ضعف الشعراء فلا يلجأ إلى الضرورات والرخص إلا الضعيف العاجز. وأحسن من هذا أن نعدّها لغات تجوز في الشعر والنثر. [سيبويه / ١ / ١٣ ، وابن عقيل / ٢ / ٥٧ ، واللسان «سوا» والإنصاف / ١٦٧ ، والأشموني / ٢ / ١٥٨].
والشاهد : «من سوائنا» حيث خرجت فيه عن الظرفية واستعملت مجرورة بمن متأثرة به ، وهو من ضرورة الشعر وقد جعلها بمنزلة «غير».
(٧١) ولم يبق سوى العدوا |
ن دنّاهم كما دانوا |
البيت للفند الزمّاني من أبيات يقولها في حرب البسوس ، واسم الفند شهل ابن شيبان بن ربيعة ، وقبل البيت في ديوان الحماسة :
صفحنا عن بني ذهل |
وقلنا القوم إخوان |
|
عسى الأيام أن يرجع |
ن قوما كالذي كانوا |
|
فلما صرّح الشرّ |
وأمسى وهو عريان |
ولم يبق.
وقوله : دنّاهم : جازيناهم. وجملة «دنّاهم» جواب ، لمّا في قوله (فلما صرّح).
والشاهد : قوله «سوى العدوان» حيث وقعت «سوى» فاعلا وخرجت عن الظرفية.
ويرى سيبويه والفراء أنّ «سوى» لا تكون إلا ظرفا فإذا قلت قام القوم سوى زيد. فسوّى عندهم منصوبة على الظرفية ، وهي مشعرة بالاستثناء ولا تخرج عن الظرفية إلا في ضرورة الشعر.
ويرى آخرون ، منهم ابن مالك أنها تعامل معاملة «غير». من الرفع والنصب ، والجرّ. [المرزوقي / ٣٥ ، والدرر / ١ / ١٧٠ ، والأشموني / ٢ / ١٥٩ / وابن عقيل / ٢ / ٥٩].
(٧٢) حاشا قريشا فإن الله فضلهم |
على البرية بالإسلام والدين |
البيت للفرزدق. والشاهد : قوله «حاشا قريشا» ، فإنه استعمل «حاشا» فعلا ونصب به ما بعده ، وأكثر النحوين على أن «حاشا» لا تسبقها «ما». وقد تسبقها «ما» على قلة.