والبيت منسوب لحسان بن ثابت في قصة غريبة. فقد نقل البغدادي في خزانة الأدب (ج ٢ / ٤٢٨) أنّ السعلاة لقيت حسان بن ثابت في بعض طرقات المدينة ، وهو غلام قبل أن يقول الشعر ، فبركت على صدره ، وقالت : أنت الذي يرجو قومك أن تكون شاعرهم؟ قال : نعم. قالت : فأنشدني ثلاثة أبيات على رويّ واحد ، وإلا قتلتك ، فقال :
إذا ما ترعرع فينا الغلام.. البيت.
إذا لم يسد قبل شدّ الإزار |
فذلك فينا الذي لا هوه |
|
ولي صاحب من بني الشيصبان |
فحينا أقول وحينا هوه |
فخلّت سبيله.
والسعلاة : ساحرة الجن ، أو أنثى الغيلان. والشيصبان : ابن جنّي ، من الجن.
وقد ذكرت قصة الأبيات التي منها الشاهد ، لغرابتها ، وتطلية القواعد النحوية وتسلية القارئ. وليس اعتقادا بصحتها. ولو أردنا أن نحقق صحة نسبة الأخبار الأدبية إلى أصحابها ، لنفينا أكثر ما ورد في كتب الأدب. ومع ذلك فإننا نستمتع بقراءته ، ولا نفكّر في صدقه أو كذبه ، لأن الإمتاع الفني يتأثر بالنصّ ولا يبحث عن القائل. ولكننا عند ما نريد استنباط أحكام تاريخية من النصّ نحرص على تحقيق سنده ومتنه. وتاريخ اللغة من التواريخ التي يجب أن نحقق نصوصها. [شرح المفصل / ٩ / ٨٤ ، واللسان «شصب].
(١٥) ولقد أرى تغنى به سيفانة |
تصبي الحليم ومثلها أصباه |
البيت لرجل من باهلة. وصف منزلا خلا من أهله. تغنى به : تقيم. والسيفانة : المرأة الممشوقة الشبيهة بالسيف في إرهافه ، وتصبي الحليم : تدعو إلى الصبا. أراد : لقد أرى سيفانة ، تغنى به سيفانة. فالفعل الأول معمل في المعنى فقط ، والآخر معمل في اللفظ والمعنى. [سيبويه / ١ / ٧٧ هارون].
(١٦) أيا من لست أقلاه |
ولا في البعد أنساه |
|
لك الله على ذاك |
لك الله لك الله |
لا يعرف قائل هذا الهزج المرقص ، وأنشدوه شاهدا على التوكيد اللفظي بتكرير الجملة. «لك الله ، لك الله» ويروى الشطر الأول : أيا من لست ألقاه. وعلى الرواية