واللغوي ، إلا أنهم يروون القصص الكاذب تاريخيا ولا يحققون فيه فلا يهمهم من القصة إلا النص الشعري أو الأدبي أما ما يقال حوله من القصص ، فهذه لا تعنيهم ، وقلما تجد أديبا يكذّب قصة أو يحقق في ما هيتها ، ولذلك لا تأخذن كلّ ما يرويه الأدباء من القصص المتعلقة بالنصوص ، على أنها تاريخ واقع ، فخذ منهم الشعر ، وفهم اللغة فقط واترك ما حوله من القصص. وقد عدّ ابن العربيّ في كتابه (العواصم) أهل الأدب من الكذابين ولم يوثّق منهم إلا (ثعلب) صاحب المجالس المشهورة. والله أعلم.
وانظر في قصة سحيم ، مع تحليل النصوص التاريخية ونقدها : [شرح شواهد مغني اللبيب ج ٢ / ٣٣٨ ـ ٣٤٤ ، والخزانة ج ٢ / ٩٩ ـ ١٠٦] وكلاهما للبغدادي.
قلت : وما رأيت في القديم والحديث أقدر على نقد الشعر وفهمه ، كالبغدادي ولكن إذا روى القصص ، نقل ولم يحقق.
(٨٣) وأنت غريم لا أظنّ قضاءه |
ولا العنزيّ القارظ الدّهر جائيا |
أنشده الأشموني ولم ينسبه ، وقال الصبان في حاشيته : قال بعضهم هو من كلام ذي الرّمة. وأنت : الخطاب للمحبوبة ، والعنزي : منسوب إلى قبيلة عنزة ، وهو أحد رجلين خرجا يجنيان القرظ ، فلم يرجعا أصلا فضرب بهما المثل ، في استحالة العودة ، فقالوا : لا يرجى إيابه حتى يؤوب العنزي القارظ ، والقرظ : شجر يدبغ به.
والشاهد في البيت ، تقديم المعطوف على المعطوف عليه ، وتقدير الكلام : لا أظنّ قضاءه جائيا هو ولا العنزي. هكذا قدّره الأشموني ، والله أعلم. [الأشموني ج ٣ / ١١٩].
(٨٤) رضيت بك اللهمّ ربّا فلن أرى |
أدين إلها غيرك الله راضيا |
البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ، وشرح التصريح ج ٢ / ١٦٥ والعيني ج ٤ / ٢٤٣. والشاهد : حذف يا النداء ، من لفظ الجلالة ، ولم يعوض في آخره الميم المشددة ، في قوله «الله» وهذا نادر شاذ. وأدين : مضارع ، دان بالشيء ، والأصل : أن أدين ، فحذفت أن ، فارتفع المضارع ، على حدّ قولهم : «تسمع بالمعيديّ» إلها : مفعوله. وراضيا : منصوب برضيت ، إما على الحالية من فاعله ، أو على المفعولية المطلقة ، على حدّ قولهم : قم قائما ، أي : قياما ، وعلى الوجهين ، فهو مؤكد له ، وما بينهما اعتراض.