الكوفيين في إنشاء مذهب خاصّ بهم يبدو من أطره العامّة أنه مغاير للمذهب البصري. فهل أفلحوا في ذلك حقا؟
إن نظرة متفحّصة على المذهب الكوفي تثبت أن مغايرته للمذهب البصري لم تكن في صميم الدرس النحوي.
فنحن لا نلمس عند الكوفيين ثورة حقيقية ، أو محاولة ثورة ، على كثير من الأمور الأساسية التي قام عليها علم النحو.
لقد تقبلّوا مثلا نظرية «العامل» كما نادى بها مؤسسو النحو البصري ، وحين أرادوا أن يأتوا فيها بجديد ، لم يكن جديدهم لينصب على جذور النظرية ، بل على فروعها ، كما هي الحال في قضايا عدّة نجتزيء عليها بما يلي :
* يقول البصريون في الظرف الواقع خبرا للمبتدأ ، كما في (أمامك زيد) ، أو (زيد أمامك) ، إنه منصوب بفعل مقدّر ـ (زيد استقرّ أمامك) ـ أو بالخبر المحذوف ـ (زيد مستقرّ أمامك) ـ الذي يعلّقون به هذا الظرف.
ولعله روادت الكوفيين فكرة اعتبار الظرف خبرا للمبتدأ ، لأن منطق اللغة يقضي بذلك. لكنهم لم