المخاطب بأن المتكلم لا يريد أن يدّعي لنفسه حكما لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه. وهو حين فصل بـ (أظنّ) بين المبتدأ وخبره : (زيد ـ أظنّ ـ شاعر) ، بدلا من تصدير العبارة بها : (أظنّ زيدا شاعرا) ، أو (أظن أن زيدا شاعر) ، فإنما فعل ليسبغ على عبارته قدرا أكبر من الإبلاغية يتمثل في عنصر المفاجأة الذي يتيحه ذلك الفصل بين العنصرين المتلازمين في الأصل.
وليس في (لن والله أكرم زيدا) ، ولا في (لن ـ أظنّ ـ أزورك) شيء مما ذكرنا أعلاه. ففي الصيغة الأولى لا يحتاج المتكلم إلى توكيد عبارته. فعنصر التوكيد متضمّن في (لن) ذاتها ، إذ هي تفيد الجزم بعدم حصول العمل. وما على المتكلم إذا ما أراد توكيد ذلك الجزم بشيء من الانفعالية إلا أن يستخدم الصيغة الطبيعية التي تسمح له اللغة بها ، ألا وهي البدء بالقسم الذي من شيمته لفت انتباه المخاطب وضمان المسحة الإبلاغية المرادة.