بأنفسهم إلى التهلكة بملء إرادتهم ، تلك الإرادة المتمثلة بقوله «بأيديكم». ولخشية الإثقال الناتج عن تكرار الباء في (أنفسكم) وفي (أيديكم) كان التجاوز عن الأولى التي يعتبر مثولها في ذهن المخاطب دون ذكرها من أعمدة الإيجاز البلاغي إلى الثانية التي شعّت ، إلى جانب إفادتها الاختيار المطلق ، ظلالا من المعاني تتضمّن الجزء المقدّر من العبارة : (بأنفسكم).
وقد لاحظ القدماء شيئا من هذا ، لكنهم ظلوا حبيسي فكرة «العامل» ، إذ قال صاحب «إعراب القرآن» في «باب ما جاء في التنزيل من الحروف الزائدة في تقدير ، وهي غير زائدة في تقدير آخر» :
«ومن ذلك قوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ،) إن شئت كانت الباء زائدة ، أي : لا تلقوا أيديكم ، وعبّر بالأيدي عن الذوات. وإن شئت كان التقدير : ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم ، و «ألقى» فعل متعدّ ، بدليل قوله : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ