يقول عبد الله بن خليفة في جانب من قصيدته وهو يتحدّث عن منفاه :
فمَن لكم مثلي لدى كلّ غارة |
|
ومَن لكم مثلي إذا البأس أصحرا |
ومَن لكم مثلي إذا الحرب قلّصت |
|
وأوضعَ فيها المستميتُ وشمّرا |
فها أنا ذا داري بأحبال طيىء |
|
طريداً ، ولو شاء الإلٰه لغيّرا |
نفاني عدوي ظالماً عن مهاجَري |
|
رضيت بما شاء الإلٰه وقدّرا |
وأسلمني قومي لغير جناية |
|
كأن لم يكونوا لي قبيلا ومَعْشرا |
ونخلص من كل ذلك إلى أنّ خطّ المعارضة الشعري هو صفوة الشعر الإسلامي في تلك الفترة ، وقد سجّل حضوراً متميزاً على الرغم من التعتيم والتهميش الذي مورس بأبشع الوسائل والأساليب من أجل خنق الصوت الحرّ الواعي المنتمي لأصالته.
وهذا الخط هو في واقعه امتداد للأدب الإسلامي الذي انطلق بعد الدعوة المحمّديّة ، وكان مقدّراً له مواصلة الشوط ليزهر أكثر فأكثر ، لو لا الردّة الأدبية والسياسية والاجتماعية الاُموية.
وقد اتخذت هذه الردّة أشكالاً عديدة ورافقتها نتائج مؤثّرة ومن تلك الأشكال والنتائج :
١ ـ حاول الاُمويون بكل ما يستطيعون استقطاب الشعراء الأقل شأواً والأخمل ذكراً وأغدقوا عليهم الأموال ووسائل الترف والترفيه ليكونوا عوناً إعلامياً لهم من جانب ، وليشوشوا على ذلك الصوت الشعري الأصيل من جانب آخر (٢٠).
٢ ـ تحييد وإلهاء
الشعراء الكبار عن طريقين ؛ مباشر : بالترغيب والترهيب والإقصاء والتقريب ، وغير مباشر : بتحريض شعراء آخرين على النيل منهم للانجرار إلى أغراض بعيدة عن الروح الإسلامية مثل الهجاء ، والردّ على المجون