وأقرّت الاُمّة هذا الإقصاء ، وذاقوا بسبب ذلك ألوان الاضطهاد والحرمان فهؤلاء الناس يعتقدون انّ دور الأئمة في حياتهم كان دوراً سلبياً على الأغلب نتيجة إقصائهم عن مجال الحكم ، فحالهم حال مَن يملك داراً فتغتصب منه وينقطع أمله في إمكان استرجاعها ) (٤).
إنّ محنة المظلومية قد طالت أهل البيت عليهمالسلام في صور متعدّدة ، فكما هو الحال بالنظر إلى دورهم المشترك في الدعوة إلى الله وتبليغ أحكامه فانّهم يشتركون كذلك في مظلوميتهم وهذا التقابل بين العطاء والمحنة يرسم لنا صورة منهج دراسي جديد في عمق الشخصية الرسالية للأئمة الأطهار عليهمالسلام ويفسّر لنا كذلك مظلومية شيعتهم في كلّ مكان وزمان.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إنّ الله خلق الأنبياء من أشجار شتى وخُلقت وعلي من شجرة واحدة فأنا أصلها ، وعلي فرعها ، والحسن والحسين ثمارها ، وأشياعنا أوراقها فمَن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ، ومَن زاغ هوى ، ولو أنّ عبداً عَبَدَ الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي ثم لم يدرك محبتنا أكبّه الله على منخريه في النار ثم قرأ صلىاللهعليهوآله ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) » ويحضرني ما أجاد به أحّد شعراء العقيدة بقوله :
عجباً ذلك التراث بهذا |
|
الحجم يقصى ومن سواه نميرُ |
ما الذي كان قد جناه عليٌّ |
|
عند قوم حتى استحرّت صدورُ |
ألأنَّ الحق الذي قد رعاه |
|
كان مرّاً والجاحدون كثيرُ |
يا لها اُمّة أضاعت حجاها |
|
حيثُ راحت خلف السراب تسيرُ |
ولديها من ثورة الفكر ما يغني |
|
ولكن أين السميع البصيرُ |
فهي تعشو عن الحقيقة في المسرى |
|
وفي بيتها السراج المنيرُ |
أخذت تطلب السواقي البعيدات |
|
وفي جنبها تفيض البحورُ |