ولما فيه من الحثّ من لدن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأجر والثواب الذي يستحقّه الحافظ عند الله تعالىٰ ، والمنزلة الكبيرة والمكانة المرموقة التي يتمتّع بها بين الناس ، وحسبك ما يقال عن كثرتهم علىٰ عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعد عهده أن قُتِل منهم سبعون في غزوة بئر معونة خلال حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقُتل أربعمائة ـ وقيل : سبعمائة ـ منهم في حروب اليمامة عقيب وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحسبك من كثرتهم أيضاً أنّه كان منهم سيّدة ، وهي أمُّ ورقة بنت عبدالله ابن الحارث ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يزورها ويسمّيها الشهيدة ، وقد أمرها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن تؤمّ أهل دارها (١).
أمّا حفظ بعض السور فقد كان مشهوراً ورائجاً بين المسلمين ، وكلّ قطعةٍ كان يحفظها جماعة كبيرة أقلّهم بالغون حدّ التواتر ، وقلّ أن يخلو من ذلك رجلٌ أو أمرأةٌ منهم ، وقد اشتدّ اهتمامهم بالحفظ حتىٰ إنّ المسلمة قد تجعل مهرها تعليم سورة من القرآن أو أكثر.
٢ ـ لا يرتاب أحدٌ أنّه كان من حول الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كُتّاب يكتبون ما يملي عليهم من لسان الوحي ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم قد رتّبهم لذلك ، روىٰ الحاكم بسندٍ صحيح عن زيد بن ثابت ، قال : « كنّا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نؤلّف القرآن من الرقاع » (٢).
وقد نصّ المؤرخون علىٰ أسماء كُتّاب الوحي ، وأنهاهم البعض إلىٰ اثنين وأربعين رجلاً ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم كلّما نزل شيءٌ من القرآن أمر بكتابته لساعته ، روىٰ البراء : أنّه عند نزول قوله تعالىٰ : ( لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ
______________________
(١) الاتقان ١ : ٢٥٠.
(٢) المستدرك ٢ : ٦١١.