نصف عذاب أهل الدّنيا. وقد شدّت يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، منكس في النّار حتّى يقع في قعر جهنّم. وله ريح يتعوّذ أهل النّار إلى ربّهم من شدّة نتنه. وهو فيها خالد ذائق العذاب الأليم مع جميع من شايع على قتله. كلّما نضجت جلودهم بدّل الله ـ عزّ وجلّ ـ عليهم الجلود حتّى يذوقوا العذاب الأليم. لا يفتر عنهم ساعة ويسقون من حميم جهنّم ، فالويل لهم من عذاب النّار].(١)
(إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً) : لا يمتنع عليه ما يريده.
(حَكِيماً) (٥٦) : يعاقب على وفق حكمته.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) : تقديم ذكر الكفّار ووعيدهم لأنّ الكلام فيهم ، وذكر المؤمنين بالعرض.
(لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) : من الأقذار الّتي تكون لأزواج الدّنيا.
(وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) (٥٧) : فيئانا لا جوب فيه ، ودائما لا تنسخه الشّمس. وهو إشارة إلى النّعمة التّامّة الدّائمة.
و «الظّليل» صفة ، مشتقّة من الظّلّ ، لتأكيده ، كقولهم : شمس شامس. وليل أليل (٢). ويوم أيوم.
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) :
قيل (٣) : نزلت يوم الفتح في عثمان بن طلحة بن عبد الدّار لمّا أغلق باب الكعبة وأبى أن يدفع المفتاح ليدخل فيها ، وقال : لو علمت أنّه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لم أمنعه. فلوى عليّ ـ عليه السّلام ـ يده وأخذه منه. ودخل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وصلّى ركعتين. فلمّا خرج سأله العبّاس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السّقاية والسّدانة. فأمره الله أن يردّه إليه. فأمر عليّا ـ عليه السّلام ـ يردّه ويعتذر إليه. وصار ذلك سببا لإسلامه. ونزل الوحي بأنّ السّدانة في أولاده أبدا.
وفي مجمع البيان (٤) ، عنهما ـ عليهما السّلام ـ : أنّها في كلّ من ائتمن أمانة من الأمانات ، وأمانات الله أوامره ونواهيه ، وأمانات عباده فيما يأتمن بعضهم بعضا من
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٢) أ : ليل الليل.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٥.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٦٣.