الأجيال ، وحملوا مشعل الهداية ونهجها للأمم تلو الأمم ، يظهر فضلهم على الناس.
(وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ)
ولكن مجرد كون النبوة والكتاب في ذرية نوح وإبراهيم (عليهما السلام) لا يبرّر نموّ الحالة العنصرية عند أولادهم وأتباعهم.
(فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ)
هم الرسل والأنبياء والأوصياء ومن آمن بهم واتبعهم.
(وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ)
ضالون منحرفون ، لم يلتزموا بالكتاب ، ولم يقتفوا آثار الأنبياء ، فالمقياس في الصلاح أو الفساد ليس الانتساب ولا ادّعاء المشايعة للصالحين ، إنّما المقياس الحق هو اتباع القيم الرسالية ، والتزام السلوك الصالح ، فلا صلاح القادة وحقّانية القيم دليل هدى الأمم والمجتمعات ، ولا ضلال الأمم والمجتمعات وانحرافها دليل فسادهما ، وإلى هذا يشير الإمام الرضا (ع) حيث يقول مخاطبا المأمون وبعض العلماء في جلسه : «أما علمتم أنّه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سايرهم؟ قالوا : ومن أين النبوّة يا أبا الحسن؟ قال : قول الله عزّ وجلّ : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) ، فصارت وراثة النبوّة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين ، أما علمتم أنّ نوحا حين سأل ربّه عزّ وجلّ فقال : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) ، وذلك أنّ الله عزّ وجلّ وعده أن ينجيه وأهله ، فقال له ربّه عزّ وجلّ : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ