ومن الواضح : أنّ التقوى هي وحدها التي تضبط النجوى من الانحراف في الإثم والعدوان ومعصية الرسول ، وبما أنّ هدف تناجي الكفّار التعالي يوصي ربّنا المؤمنين بالتواضع لبعضهم بالتفسح في المجالس ، وتركها إذا أمروا بها ، ويبيّن أنّ الله هو الذي يرفع المؤمنين وأهل العلم درجات (بدرجات إيمانهم وعلمهم) ، وأنّه ليس انتخاب المجالس القريبة من القيادة أو طول المكث عندها سبب التعالي كما يحسب الكفّار والمنافقون.
ويأمر المؤمنين بإيتاء الصدقة قبل تناجي الرسول (لكي لا يتسابقوا إلى ذلك طلبا للفخر) ، ثم يتوب عليهم رعاية لهم لأنّهم أشفقوا عن تقديم الصدقات.
ه) ويعالج السياق بعدئذ موضوعة البراءة من الكفّار التي تتصل أيضا بالوعي الإيماني ، وينذر المنافقين الذين يتولّونهم واقعا ، ثم يتخذون أيمانهم جنّة حيث يحلفون على الكذب أنّهم مؤمنون حقا (كلّ ذلك طلبا للثورة والقوّة ، ولا يعلمون أنّهما لا تنفعانهم شيئا).
ويبيّن القرآن أنّ الأموال والأولاد لا تنفع يوم القيامة حيث يبعثهم الله ليحاسبهم فإذا بهم يحلفون له عبثا كما يحلفون للمؤمنين في الدنيا.
و) وما يفرّق بين المؤمن والمنافق ليس تلك المظاهر (مناجاة الرسول ، والتقرّب المكاني منه ، والتأكيد على صدق الإيمان بالحلف الكاذب) ، إنّما هي تلك الحقائق (التحسّس بشهادة الله ، والكفّارة عند الظهار ، ومراعاة حدود الله وأحكامه ، والتواضع لأولياء الله ، والبراءة من أعداء الله) ، وبها يتميّز حزب الشيطان عن حزب الله فإنّ حزب الشيطان هم الخاسرون ، وهم الذين يتجاوزون حدود الله (ويتولّون أعداء الله) ، ولقد كتب الله بغلبة رسله ، وأكّد أنّ المؤمنين حقّا لا يتولّون من حادّ الله حتى ولو كانوا من ذوي قرباهم ، لأنّ الله قد ثبّت