ألف) في فاتحة السورة وفي بداية الجزء الثامن والعشرين من الذكر الكريم يتلو علينا الرب كلمة السمع ، فالله سمع قول التي جادلت الرسول في قصة الظهار واشتكت إلى الله ، وسمع تحاورها والرسول ، وإنّه سميع بصير.
ب) وبعد أن يسوق الذكر أحكام الظهار ويحدّد كفّارته يقول : «ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ» ممّا فسّر بأنّه يعني تنمية روح الإيمان ، لأنّ المفروض أنّهم مؤمنون.
فإذا الحكمة من الكفّارة تنمية روح الإيمان في النفس ، على أنّ الظهار يتم في العلاقة الزوجية التي هي من الأمور الشخصية والمستورة عادة ، وأنّه موقف خاص لا يمكن ضبطه إلّا بالإيمان وبروح التقوى ، كما أنّ كفّارته كبيرة ، والدافع الجنسي الذي يقف الظهار دونه متصاعد ، وضمن هذه الظروف لا ينظّم العلاقة سوى الوازع النفسي الذي تصنعه معرفة الإنسان بربّه وبأنّه سميع بصير.
ج) وبعد أن ينذر السياق الذين يتجاوزون حدود الله (ومنها أحكام الشريعة في الظهار) يذكّرنا بيوم البعث حيث ينبّئ الله الكافرين بما عملوا ، ويبيّن أنّه قد أحصى ما لم يحفظوه وأنّه شاهد على كلّ شيء. وكلّ هذه البصائر تنمّي روح التقوى في النفس ليس في أبعادها الخارجية بل في حرمها المستور.
د) وعبر أربع آيات بينات يعالج الذكر موضوعة النجوى التي تتصل بتنمية الوعي الإيماني في النفس ، ومؤكّدا ـ أوّلا ـ أنّ الله سبحانه حاضر عند كل نجوى ، فما من نجوى ثلاثة إلّا هو رابعهم ، ولا خمسة إلّا هو سادسهم ، ثمّ ينذر الذين يتناجون بالإثم والعدوان ، ويتحدّون عذاب الله ، ويكفرون بالنذر قائلين : لماذا لا يعذّبنا الله بعد التناجي؟ حسبهم جهنّم ، ويرسم القرآن حدود النجوى المسموح بها .. عند ما يتمّ التناجي بالبر والتقوى ، وينفي أي أثر لتناجي الكفّار ، ويأمر المؤمنين بالتوكّل على الله.