التي هي موضوعها ، بينما وصف العذاب هنا بأنّه مهين ، لأنّ من يحادون الله ورسوله يطلبون بذلك العزّة لأنفسهم ، والذل للحقّ وأتباعه ، وليس صفة أنسب في عذابهم من الإهانة والذل.
(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً)
للجزاء على أعمالهم ، وقال «جميعا» لأنّهم ربما تعاونوا على محادة الله والكفر ، واغترّوا بقوّتهم وعددهم.
(فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا)
من السيئات عبر الحساب ، ومن خلال العذاب لأنّه هو الآخر صورة حقيقية لما عملوا. كما أنّ إخباره تعالى لهم بأعمالهم يؤكّده لهم شهادته على خلقه ، وأنّه أخبر وأبصره بالإنسان حتى من نفسه ، لأنّه معرّض للنسيان.
(أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
وحينئذ ليس يتبيّن لهم صدق آيات الله ، وخطأ أعمالهم ومسيرتهم في الحياة فقط ، بل يصيرون من العلم على عين اليقين بأنّ الله شاهد على كلّ شيء ، وأنّه حين تركهم في الدنيا يفعلون ما يشاءون من معصيته ومحادته فليس عن غلبة له ، (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ). (١)
وإنّما يذكر الله بيوم البعث وشهادته على كلّ شيء هنا لأنّ محادّة الله ورسوله وعمل السيئات ينطلق في الأساس من الكفر بالآخرة والجزاء ، ومن الاعتقاد بالقدرة
__________________
(١) إبراهيم / ٤٢ ـ ٤٣