كما أنّها تنمّي عند المؤمنين روح الحذر والتقوى.
[٨] ولأنّ الله محيط بكلّ شيء علما فإنّه لا يدع مكائد هم تلعب دورها المشؤوم في مسيرة الأمة ، وإنّما يبطلها بإرادته وعلى أيدي المؤمنين ، ويفضحها بوسيلة أو بأخرى ، كأن يلقي أمرها روع المؤمنين.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ)
إصرارا على مكائدهم المشؤومة ، والتناجي هو الحديث على غير مسمع من الآخرين ، وليست النجوى محرّمة في الدين إلّا إذا كانت مضامينها وآثارها لا ترضي الله عزّ وجل ، أمّا إذا كانت تنطوي على الخير والصلاح فهي مباحة ، بل قد تكون واجبة كما في عصر الطاغوت ، باعتبارها تحفظ خطط المؤمنين ، وأشخاصهم ، وإمكاناتهم ، بعيدة عن علمه وكيده وردّات فعله ، لذلك لم ينه الله الذين آمنوا عنها بل نهاهم من جهة عنها إذا كانت ذات مضامين سيئة ، وأمرهم بها إذا كانت مضامينها إيجابية ، بينما نهى المنافقين عنها لأنهم اتخذوها وسيلة لمحاربة الحق.
(وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ)
هذه إشارة إلى ثلاثة أنواع من الذنوب المحرّمة وهي :
أوّلا : المعاصي التي يخالف الإنسان بها الشريعة في سلوكه ، كشرب الخمر ، وأكل الحرام ، والكذب ، والغش ، والإدلاء بالأموال إلى الحكّام الظلمة ، قال تعالى : (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) (١) أي ذنب ، وقال : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٢) ،
__________________
(١) الحجرات / ١٢
(٢) النساء / ١١٢