إنّما يبحثون عن الحق ويطيقونه ، وعن القيادة الكفوءة المحقّة فيوالونها ، وعن التجمّع الرسالي فينتمون إليه ، ويسخّرون كلّ إمكاناتهم من أجل ذلك ، لا تأخذهم في الله لومة لائم. ولا ريب أنّ ذلك أمر تصعب دونه التحدّيات التي تحتاج إلى الإرادة القويّة ، والتوفيق من الله ، ولذلك أكد القرآن بالقول :
(أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ)
أي أثبت الله الإيمان في نفوسهم ، لما وجده فيهم من الأهليّة ، حيث تجردوا له وللحق عن كلّ شيء سواهما. والإيمان الذي يكتب في القلب هو الأهم والأرسخ والاصدق من الذي يظهر في الجوارح.
(وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)
فاجتمعت فيهم ثلاث قوى : (إرادتهم+ قوّة الإيمان+ تأييد الله) ، فإذا بهم ينتصرون على التحدّيات ، ويخرجون من أمتن الصلاة وأعمق الانتماءات تجذّرا (الصلة بالآباء والأبناء والإخوان ، والانتماء إلى العشيرة والوطن والقومية) إلى الانتماء الرسالي والصلاة بالحق وأهله. ويبدو أنّ هذه الكلمة تعاكس تلك التي ذكرت في صفات المنافقين من أن الشيطان استحوذ عليهم فأنساهم ذكر الله ، فهناك لا تجد ذرّة من الاستقلال والعزّة والإرادة ، بينما لا تجد هنا شيئا من التراخي والضعف والذل ، وليس الفاصل بينهما إلّا الإيمان الحقّ بربّ العزّة.
أمّا عن الروح التي يؤيّدهم بها الله ، وتثبّت الإيمان فيهم ، وينتصرون بها على التحدّيات ، فإنّها تعبير عن الشيء الذي يعطي الحياة الحقيقية للإنسان ، وحياته في التزامه بالحق ، ومن أظهر مصاديقها روح الإيمان التي تحملها إليهم وتركزها فيهم آيات الله ، ويبعثها في روعهم الإيمان المكتوب في القلوب ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا